في مسلم في حديث القواريري:"إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ المُؤْمِنِ قِيلَ لَهُ: صَلَّى اللهُ عَلَيْكِ وَعَلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ"(١) كذا لِلسجزي وَالسمرقندي، وعند العذري:"تَعْمُرُ فِيهِ" وكلاهما صحيح، والأول أوجه.
فصل (٢): (عَنْ) حرفٌ جارٌّ مثل (مِنْ) قالوا: وهي بمعنى: (مِنْ)(إلا في خصائص تخصها)(٣) إذ فيها من البيان والتبعيض مثل ما في: (مِنْ) قالوا: إلاَّ أن (مِنْ) تقتضي الانفصال في التبعيض، و (عَنْ) لا تقتضيه، تقول: أخذت من زيد (٤) مالاً، فيقتضي انفصاله، وأخذت عنه علمًا، لا يقتضي انفصاله، ولهذا اختصت الأسانيد بالعنعنة، وهذا غير مطرد لأنه يصح أن يقول: أخذت من علم زيد، ومنه علمًا، فلا يقتضي انفصالاً، وأخذت عن أبي مالاً أو ثوبًا فيقتضي انفصاله، وقد حكى أهل اللسان: حدثني فلان من (٥) فلان بمعنى: عن فلان، وإنما الفرق بين الانفصال والاتصال فيهما فيما يصح منه ذلك أو لا يصح؛ لا من مقتضى اللفظين، وقد تأتي (عَنْ) اسمًا يدخل عليها حرف الجر، يقال: أخذت الثوب من عن زيد.
قال القاضي: يقال: إن (مِن) هاهنا زائدة؛ لأنها تدخل على جميع الصفات إلاَّ على الباء والسلام و (في) لقلتها، فلم تتوهم العرب فيها (٦) الأسماء توهمها في غيرها من الصفات. وقد جاءت:(عَن) بمعى (عَلَى)
(١) مسلم (٢٨٧٢) عن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ القَوَارِيريِّ من حديث أبي هريرة. (٢) في النسخ الخطية: (في الاختصاص يخصها)، والمثبت من "المشارق" ٢/ ٨٩. (٣) من (س، ش). (٤) في النسخ الخطية: (ذلك)، والمثبت من "المشارق" ٢/ ٨٩. (٥) في (س): (عن). (٦) في (س، د، ش): (فيه).