قوله:"فَيُنَادِي بِصَوْتٍ"(١) (يعني: الرب سبحانه. وقوله في الحديث الآخر:"فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَكَنَ الصَّوْتُ"(٢) أي: صوت رب العزة أيضًا جل جلاله، وكلام الله عز وجل بحرف وصوت لا محالة، إلاَّ أنه لا يشبه كلام المخلوقين كما نقول في سائر صفاته - تعالى وتقدس - من السمع والبصر والكلام والعلم والإرادة والإتيان والمجيء، لا يؤول ولا يكيف ولا يشبّه، ظاهره قبول، وباطنه مسلم لله (٣) عز وجل، قال الله تعالى:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ}[الشورى: ١٠] والذي يؤيد هذا قوله في الحديث الآخر: "فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَكَنَ الصَّوْتُ عَرَفُوا أَنَّهُ الحَقُّ"(٤)) (٥).
قوله:"وَكَانَ رَجُلًا صَيِّتًا"(٦) يعني: العباس - رضي الله عنه -، أي: جهير الصوت بمعنى صائت.
(١) البخاري (٤٧٤١، ٧٤٨٣) من حديث أبي سعيد الخدري. (٢) البخاري معلقًا قبل حديث (٧٤٨١) من حديث ابن مسعود موقوفاً. (٣) في (س): (إلى الله). (٤) هو المتقدم تخريجه أول الفقرة. (٥) هذا هو مذهب أهل السنة. ولكن سياق الفقرة في (أ، م) جاء هكذا: يجعل ملكًا ينادي أو يخلق صوتًا يسمعه الناس، وأما كلام الله فبحرف وصوت والكلام الأول ليس بشيء، وَفِي رِوَايَة أبي ذر: "فينادى بصوت" لما لم يسم فاعله. وقوله فِي الحديث الآخر: "فإذا فزع عن قلوبهم وسكن الصوت عرفوا أنه الحق" أي: سكن صوت الملائكة بالتسبيح؛ لقوله أول الحديث: "سبح أهل السماوات". (٦) مسلم (١٧٧٥) عن كثير بن العباس بن عبد المطلب.