والآخر: أن يكون ركّب ابنا مع أمّ، فجعلهما بمنزلة اسم واحد، كخمسة عشر، ففتحة «ابن»(١) فى هذا القول ليست بنصبة كما كانت فى القول الأول، وإذا كان قوله:«يا ابن أمّ» بمنزلة خمسة عشر، كان فى موضع ضمّ، لأنه جرى مجرى المفرد فى قولك: يا زيد.
ومن قال: يا ابن أمّ، فكسر، احتمل أمرين، أحدهما: أن يكون أضاف ابنا إلى أمّ، وأمّا إلى ياء الضمير، ثم حذف الياء، وكان الوجه إثباتها كإثباتها فى قولك: يا غلام غلامى.
والآخر: أن يكون جعل ابنا مع أمّ اسما واحدا، وأضافه إلى نفسه، كما يقول (٢): يا خمسة عشر أقبلوا، أردت: يا خمسة عشرى، فحذفت الياء كما تحذفها من آخر المفرد فتقول: يا غلام.
وقال أبو عثمان المازنىّ فى قراءة من قرأ:{يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ}(٣) إنه أراد: /يا أبتا، قال: والدليل على ذلك أن الشاعر قد أظهرها فى قوله (٤):
يا أبتا علّك أو عساكا
وممّا حذفوه فوالوا بين إعلالين فى كلمة، الألف من ترى، فى قولهم:
«أصاب الناس جهد ولو تر ما أهل مكة (٥)» حذفوا الألف وهى منقلبة عن الياء التى هى لام فى رأيت، بعد حذف الهمزة التى هى العين، وقالوا: أم والله لأفعلنّ، وهذه «ما» المزيدة للتوكيد، ركّبوها مع همزة الاستفهام، واستعملوا مجموعهما على وجهين:
(١) فى الأصل: «ففتحة أم». وصححته من البيان لأبى البركات الأنبارى ١/ ٣٧٥. (٢) هكذا فى الأصل «يقول» بالياء التحتية. ولعله: «تقول» بالتاء الفوقية. (٣) سورة مريم ٤٤، وهى قراءة ابن عامر، وأبى جعفر. السبعة ص ٣٤٤ - عند ذكر الآية الرابعة من سورة يوسف-وإرشاد المبتدى ص ٣٧٧، والنشر ٢/ ١٣٩،٢٣٧. (٤) رؤبة بن العجاج. والبيت فى ملحقات ديوانه ص ١٨١، وتخريجه فى كتاب الشعر ص ١٤، وسيعيده ابن الشجرى فى المجلس السادس والخمسين. (٥) تقدّم فى المجلس الرابع.