هذا الضمير شيئان: أحدهما قربه منه، والآخر أن المضاف الذى هو «الصّدور» بعض المضاف إليه، فكأنه قيل: ونزعنا ما فيهم من غلّ، فليس هذا المضاف كالمضاف فى قول تأبّط شرّا:
سلبت سلاحى بائسا وشتمتنى (١)
فاعرف الفرق بين الحالين.
وقال فى قوله عزّ وجلّ، فى سورة مريم:{ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ}(٢): ذهب يونس إلى أنّ {أَيُّهُمْ} رفع بالابتداء، لا على الحكاية، ويعلّق (٣) الفعل، وهو {لَنَنْزِعَنَّ} فلا يعمله فى اللفظ، ولا يجوز تعليق مثل {لَنَنْزِعَنَّ} عند سيبويه والخليل (٤)، وإنما يجوز أن تعلّق (٥) أفعال الشكّ وشبهها، مما لم يتحقّق وقوعه (٦).
قلت: اختصاصه بالتعليق أفعال الشكّ وشبهها ممّا لم يتحقّق وقوعه.
خطأ؛ لأنّ أفعال العلم تعلّق، ولها فى تحقّق الوقوع القدم الراسخة، فممّا علّق فيه الماضى منها عن لام الابتداء قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اِشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ (٧)}، وممّا علّق فيه المستقبل منها عن الاسم الاستفهامىّ قوله:
{وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً}(٨).
...
(١) فرغت منه فى المجلس الثالث. (٢) سورة مريم ٦٩. (٣) من هنا سقط فى ط إلى قوله «فى تقدير زيد ذو مال» بعد نحو صفحتين. (٤) راجع المجلس الثالث والسبعين. (٥) فى المشكل: «إنما يجوز أن تعلق مثل أفعال الشك. . .». بزيادة كلمة «مثل». (٦) المشكل ٢/ ٦١ (دمشق)،٢/ ٤٥٩ (بغداد). (٧) سورة البقرة ١٠٢. (٨) سورة طه ٧١.