وَمَصْرِفُ خَرَاجٍ كَفَيْءٍ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ بِالْمَنْعِ, لِافْتِقَارِهِ إلَى اجْتِهَادٍ, لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَصْرِفِهِ, وَلِأَنَّ الْخَرَاجَ وَالْغَنِيمَةَ١ لِمَصَالِحِ الْمَمْلَكَةِ, لِأَنَّ بِهَا يَجْتَمِعُ الْجُنْدُ عَلَى بَابِ السُّلْطَانِ, فَيُنَفِّذُ أَوَامِرَ الشَّرْعِ, وَيَحْمِي الْبَيْضَةَ, وَيَمْنَعُ الْقَوِيَّ مِنْ الضعيف, فلو فرقه غيره تفرقوا و٢زَالَتْ حِشْمَتُهُ وَطَمِعَ فِيهِ, فَجَرَّ ذَلِكَ إلَى الْفَسَادِ وَالْكُلَفِ٣ الَّتِي تُطْلَبُ مِنْ الْبُلْدَانِ بِحَقٍّ أو غيره, يحرم توفير بَعْضِهِمْ, وَجَعْلُ قِسْطِهِ عَلَى غَيْرِهِ, وَمَنْ قَامَ فِيهَا بِنِيَّةِ الْعَدْلِ وَتَقْلِيلِ الظُّلْمِ مَهْمَا أَمْكَنَ لِلَّهِ فَكَالْمُجَاهَدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. ذَكَرَهُ شَيْخُنَا.
قَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي كِتَابِ الدِّيوَانِ: يَعْمَلُ بِمَا وَثَّقَ بِهِ مِنْ خَطِّ أُمَنَاءِ الْكُتَّابِ فِي الرُّسُومِ وَالْحُقُوقِ, لِأَنَّهُ الْعُرْفُ الْمَعْهُودُ, وَيَعْمَلُ فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِ الْعَامِلِ يَقْبِضُهُ, وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الدَّوَاوِينُ أَوْ بِخَطِّهِ الْمَعْرُوفِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ إنْ أَقَرَّ به
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"قُلْت": الصَّوَابُ عَدَمُ الْجَوَازِ لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ, وَكَلَامُهُمْ فِي كَوْنِ الْقَاضِي يَلِي جِبَايَتَهُ أَوْ لَا يَلِيهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ٤وَمِمَّا يُقَوِّي ذَلِكَ مَا قَطَعَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ, كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَتْنِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ أَدْخَلَ أَنَّ مَصْرِفَ الْخَرَاجِ كَالْفَيْءِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ, مَصْرِفَ الْخَرَاجِ كَالْفَيْءِ, مَحِلُّهَا قَبْلَ قَوْلِهِ "وَهُوَ جَوَازُ تَفْرِقَةِ الْخَرَاجِ لربها روايتان" وهو واضح٤.
١ في "ر" "القسمة".
٢ في "ط" "أو".
٣ جمع كلفة وهي المشقة.
٤ ٤ ليست في النسخ الخطية والمثبت من "ط".