تَسَاوَقَا بِالْمَشْيِ أَوْ فِي سَفِينَةٍ, وَلِهَذَا لَوْ أقبضه فِي الصَّرْفِ وَقَالَ: امْشِ مَعِي لِأُعْطِيَك وَلَمْ يَتَفَرَّقَا جَازَ, نَقَلَهُ حَرْبٌ, وَفِي بَقَاءِ خِيَارِ المكره وجهان "م ٢"
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
صَاحِبَ الْمُغْنِي, هَلْ هِيَ الْمَذْهَبُ أَمْ لَا؟ وَعِنْدَهُ أَنَّهَا الْمَذْهَبُ, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُبْطِلُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ, سَوَاءٌ كَانَ الْإِكْرَاهُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا, كَمَا تَقَدَّمَ.
"مَسْأَلَةٌ ٢" قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْ الْبَيْعَيْنِ الْخِيَارُ مَا لم يتفرقا بأبدانهما عرفا ولو كَرِهَا وَفِي بَقَاءِ خِيَارِ الْمُكْرَهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. اعْلَمْ أَنَّ لِلْأَصْحَابِ فِي حُصُولِ الْفُرْقَةِ بِالْإِكْرَاهِ طَرِيقَيْنِ:
"أَحَدُهُمَا" وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي١ قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ أَجْوَدُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِيمَا إذَا أُكْرِهَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا, فَقِيلَ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِهِ مُطْلَقًا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ, وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي٢ وَالشَّرْحِ٣, وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ, وَقِيلَ: لَا يَحْصُلُ بِهِ مُطْلَقًا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ, وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَبْقَى الْخِيَارُ فِي مَجْلِسٍ زَالَ عَنْهُمَا الْإِكْرَاهُ فِيهِ حَتَّى يُفَارِقَاهُ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي وَالْفَائِقِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِيمَا إذَا أُكْرِهَ أَحَدُهُمَا: احْتَمَلَ بُطْلَانَ الْخِيَارِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَنْقَطِعُ الْخِيَارُ, وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ: إنْ أَمْكَنَهُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بَطَلَ خِيَارُهُ, وَإِلَّا فَلَا, وَهُوَ احتمال في التلخيص.
الطَّرِيقُ الثَّانِي" إنْ حَصَلَ الْإِكْرَاهُ لَهُمَا انْقَطَعَ خِيَارُهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا, وَإِنْ حَصَلَ لِأَحَدِهِمَا فَالْخِلَافُ, وَهِيَ طَرِيقَةٌ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي٢ وَالشَّارِحِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ, إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَقَدْ عَرَفْت الصَّحِيحَ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ, فَكَذَا الصَّحِيحُ هنا, والله أعلم.
١ ٣/٦٨.
٢ ٦/١٣-١٤.
٣ المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف ١٢/٢٧٩.