وَالْمَنَارَةُ الَّتِي لِلْمَسْجِدِ إنْ كَانَتْ فِيهِ أَوْ بَابُهَا فِيهِ فَهِيَ مِنْهُ, بِدَلِيلِ مَنْعِ جُنُبٍ وَالْأَشْهَرُ عَنْ مَالِكٍ: يُكْرَهُ, وَقَالَهُ اللَّيْثُ. وَإِنْ كَانَ بَابُهَا خَارِجًا مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطْرِقُ إلَيْهَا إلَّا خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَتْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْهُ كَمَا جَزَمَ "بِهِ" بَعْضُهُمْ فَخَرَجَ لِلْأَذَانِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ, لِأَنَّهُ مَشَى حَيْثُ يَمْشِي جُنُبٌ, لِأَمْرٍ مِنْهُ بُدٌّ, كَخُرُوجِهِ إلَيْهَا لِغَيْرِ الْأَذَانِ, وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْبَنَّا وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهَا بُيِّتَتْ لَهُ, فَكَأَنَّهَا مِنْهُ. وقال أبو الخطاب: لأنها١ كالمتصلة بِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لِأَنَّهَا بُنِيَتْ لِلْمَسْجِدِ لِمَصْلَحَةِ الْأَذَانِ, فَكَأَنَّهَا مِنْهُ فِيمَا بُنِيَتْ لَهُ, وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ "ثُبُوتُ" بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ, لِأَنَّهَا لَمْ تُبْنَ لَهُ, وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ, وَثَالِثٌ: إنْ أَلِفَ النَّاسُ صَوْتَ الْمُؤَذِّنِ جَازَ, لِلْحَاجَةِ وَإِلَّا فَلَا, وَإِنْ كَانَتْ فِي الرَّحَبَةِ فَهِيَ مِنْهَا ٢"وَإِلَّا فَلَا"٢ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْأَفْضَلُ اعْتِكَافُ الرَّجُلِ فِي الْجَامِعِ إذَا كَانَ اعْتِكَافُهُ تَتَخَلَّلُهُ جُمُعَةٌ, وَلَا يَلْزَمُ وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ, مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ, وَحَكَاهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ, لِمَا سَبَقَ, وَلِأَنَّهُ خرج لما لا بد منه, وكأنه
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ فِي مَوْضِعٍ فَقَالَا: وَرَحْبَةُ الْمَسْجِدِ كَهُوَ, وَجَمَعَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَقَالَ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ, وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ, انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ الرِّعَايَةُ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ, وَكَذَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى والوسطى.
١ في الأصل "كأنها".
٢ ٢ ليست في "ب" و"س".