خاتما من ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ وَطَرَحَهُ، وَقَالَ: "يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ" فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْ خَاتَمَك انْتَفِعْ بِهِ. فَقَالَ لَا، وَاَللَّهِ لَا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَا يُبَاحُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الذَّهَبِ إلَّا لِضَرُورَةٍ "وَ" كَجَعْلِهِ أَنْفًا وَشَدِّ السِّنِّ وَالْأَسْنَانِ، وَهَلْ يُبَاحُ قَبِيعَةُ السَّيْفِ أم لا؟ "وم ر" فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ أَنَّ أَصْحَابَنَا جَعَلُوا الْجَوَازَ مَذْهَبَ أَحْمَدَ "م ٢" وَقَيَّدَهَا باليسيرة، مع أنه ذكر أن قَبِيعَةَ سَيْفِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ وَزْنُهَا ثَمَانِيَةَ مَثَاقِيلَ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي إبَاحَتِهِ فِي السَّيْفِ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّ سَيْفَ عُمَرَ كَانَ فِيهِ سَبَائِكُ مِنْ ذَهَبَ١ وَأَنَّ سَيْفَ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ كَانَ فيه مسمار من
ــ
[تصحيح الفروع للمرداوي]
"مَسْأَلَةٌ ٢" قَوْلُهُ: وَهَلْ تُبَاحُ قَبِيعَةُ السَّيْفِ أَمْ لَا يَعْنِي مِنْ الذَّهَبِ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ أَنَّ أَصْحَابَنَا جَعَلُوا الْجَوَازَ مَذْهَبَ أَحْمَدَ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي٢ وَالشَّرْحِ٣ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا يُبَاحُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْمَشْهُورُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذَهَّبِ ومسبوك الذهب والمقنع٣ والنظم وشرح ابن منجا وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: يُبَاحُ فِي الْأَظْهَرِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُبَاحُ، وَهِيَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِ لَهُ فِي الْمُبَاحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ قُلْت: وَهُوَ ظاهر كلام جماعة أيضا.
١ أخرج عبد الرزاق ٩٦٦٥ وابن أبي شيبة ٨/٢٨٧ عن ابن عمر أنه كان يتقلد سيف عمر وكان محلى.٢ ٤/٢٢٧.٣ المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف ٧/٤٣-٤٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute