ولما قدم رسول سلمة بن قيس الأشجعي (١) الذي بعثه سلمة بالبشارة بفتح بعض مدن فارس و بالغنائم إلى عمر وجد عمر رضي الله عنه يطعم الناس بالمدينة ويعاونه مولاه يرفة، قال: فدخل عمر دارا ثم انتهى إلى حجرة من الدار، فدخلها، فقمت ملي حتى ظننت أن أمير المؤمنين قد تمكن في مجلسه، فقلت: السلام عليك، فقال: وعليك، فدخلت، فإذا هو جالس على وسادة مرتفق (٢) أخرى، فلما رآني نبذ (٣) إلي الذي كان مرتفقا، فجلست عليها، فإذا هي تغرزني (٤)، فإذا حشوها ليف، فقال: يا جارية، أطعمينا، فجاءت بقصعة فيها فدر (٥) من حبز بابس، فصب عليها زيتا مافيه ملح ولا خل، فقال: أدن، فدنوت، فذهبت أتناول منها قدرة فلا والله إن استطعت أن أسيغها، فجعلت ألوكها مرة من ذا الجانب ومرة من ذا الجانب، فلم أقدر على أن أسبغها، وأكل أحسن الناس أكله … حتى رأيته يلطع (٦) جوانب القصعة، ثم قال: يا
(١) سلمة بن قيس الأشجعي - رضي الله عنه - له صحبة، يقال: نزل الكوفة وله رواية عن النبي، ابن حجر الإصابة ٢/ ٦٧. (٢) مرتفقا منكا على المرفقة، وأصله من المرفق، كأنه استعمل مرفقه واتكأ عليه. ابن الأثير/ النهاية في غريب الحديث ٢/ ٢٤٦. (٣) نبذ: رمي. المصدر السابق ٥/ ٦. (٤) تغرزتي: غرزة بالإبرة تخسة بها، الفيروزآبادي القاموس المحيط ٢/ ١٩١. (٥) فدر: الفدرة: القطعة من كل شيء، اين منظور لسان العرب ١٠/ ٢٠٢. (٦) يلطع: الأطع: لطعك الشيء يلسانك وهو اللحس، لطعت الشيء الطعه لطعأ، إذا لعنته، اين منظور لسان العرب ١٢/ ٢٨٢.