المَطْلَبُ الثَّالِثُ: حُكْمُ الحَدِيثِ المَقْلُوبِ:
تكلَّمَ العلماءُ على المقلوب في أنواعِ الحديثِ الضَّعيفِ، فإذا كانَ القلبُ في الحديثِ خطأً أو سهواً فهوَ ضعيفٌ، فإذَا غلبَ على حديثِ الرَّاوي فحديثُهُ منكرٌ، فإنْ لمْ يكثرْ يكونُ صاحبُهُ تارةً منْ شرطِ الحسنِ وتارةً مِنْ شرطِ الصَّحيحِ.
وهوَ بمرتبةِ الموضوعِ إنْ كانَ عمداً بقصدِ الإغرابِ، وفاعلُهُ منَ الوضَّاعينَ، وحديثُهُ مردودٌ. قالَ الزَّركشيُّ «ت ٧٩٤ هـ»: «قَدْ يَقْصِدُ بِهِ الإِغْرَابَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْوَضْعِ» (١).
وإنْ وقعَ القلبُ عمدَاً بقصدِ الامتحانِ فالجمهورُ على جوازِهِ، ليُعلَمَ بهِ ضبطُ الرَّاوي منْ عدمِهِ، قالَ الحافظُ العراقيُّ «ت ٨٠٤ هـ»: «وَقَدْ يُفْعَلُ اخْتِبَارَاً لِحِفْظِ المُحَدِّثِ، وَهَذَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الحَدِيثُ كَثِيرَاً، وَفِي جَوَازِهِ نَظَرٌ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا فَعَلَهُ أَهْلُ الحَدِيثِ لَا يَسْتَقِرُّ حَدِيثَاً، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ اخْتِبَارُ حِفْظِ المُحَدِّثِ بِذَلِكَ، أَوْ اخْتِبَارُهُ هَلْ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ أَوْ لَا» (٢). قالَ ابنُ حجرٍ «ت ٨٥٢ هـ»: «وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَسْتَمِرَّ عَلِيهِ بَلْ يَنْتَهِي بِانْتِهَاءِ الحَاجَةِ» (٣).
(١) النكت على مقدمة ابن الصلاح ٢/ ٣٠٣.(٢) انظر شرح التبصرة والتذكرة ص ٩٩.(٣) نخبة الفكر وشرحها للقاري ص ٤٨٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute