المَطْلَبُ الثَّانِي: مِنْ حَيثُ الضَّبْطُ:
الضبطُ: هوَ كمَا قرَّرهُ الخطيبُ «ت ٦٤٣ هـ»، بقوله: «أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي مُتَيَقِّظَاً غَيرَ مُغَفَّلٍ، حَافِظَاً إِنْ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ، ضَابِطَاً لِكِتَابِهِ إِنْ حَدَّثَ مِنْ كِتَابِهِ، وَإِنْ كَانَ يُحَدِّثُ بِالمَعْنَى اشْتُرِطَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَالِمَاً بِمَا يُحِيلُ المَعَانِي» (١).
والسبيلُ إلى معرفَةِ ضبطِ الرَّاوِي:
سبرُ حديثِهِ ومقارنتُهُ بأحاديثِ الثِّقاتِ، كمَا قعَّدهُ ابنُ الصَّلاحِ «ت ٦٤٣ هـ» بناءً على عملِ المحدِّثينَ، فقالَ: «أَنْ نَعْتَبِرَ رِوَايَاتِهِ بِرِوَايَاتِ الثِّقَاتِ المَعْرُوفِينَ بِالضَّبْطِ وَالإِتْقَانِ، فَإِنْ وَجَدْنَا رِوَايَاتِهِ مُوَافِقَةً وَلَو مِنْ حَيثُ المَعْنَى لِرِوَايَتِهِمْ أَوْ مُوَافِقَةً لَهَا فِي الأَغْلَبِ، وَالمُخَالَفَةُ نَادِرَةٌ، عَرَفْنَا حِينَئِذٍ كَونَهُ ضَابِطَاً، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ كَثِيرَ المُخَالَفَةِ لَهمْ عَرَفْنَا اخْتِلَالَ ضَبْطِهِ وَلَمْ نَحْتَجَّ بِحَدِيثِهِ» (٢).
وأحكامُ أئمَّةِ الجرحِ والتعديلِ في الرُّواةِ مبنيَّةٌ علَى السَّبرِ، حتَّى فيمَنْ عاصرُوهُمْ وشهدُوا علَى دينهِمْ واستقامتِهِمْ، أو نصَّ الأئمَّةُ مِنْ قبلِهِمْ علَى عدالَتِهِمْ، قالَ الإمامُ مسلمٌ «ت ٢٦١ هـ»: «فَبِجَمْعِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَمُقَابَلَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ … تَتَبَيَّنُ رُوَاةُ ضِعَافِ الأَخْبَارِ مِنْ أَضْدَادِهِمْ مِنَ الحُفَّاظِ، وَلِذَلِكَ أَضْعَفُ أَهْلِ المَعْرِفَةِ بِالحَدِيثِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي خَثْعَم وَأَشْبَاهُهُ مِنْ نَقَلَةِ الأَخْبَارِ، لِرِوَايَتِهِمُ الأَحَادِيثَ المُسْتَنْكَرَةِ التِي تُخَالِفُ
(١) الكفاية ١/ ٢٨٠.(٢) مقدمة ابن الصلاح ١/ ١٠٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute