الدليل الثاني: عن أنس، - رضي الله عنه - قال: (كان النبي – صلى الله عليه وسلم - إذا كان الشتاء، بكر بالظهر، وإذا كان الصيف أبرد بها) (١).
وجه الدلالة من الحديث:
إنما استحب الإبرد بالظهر في الصيف لأن تعجيلها فيه لا يخلو عن أمرين:
الأوّل: قلة الجماعة لاشتغال الناس بالقيلولة.
الثاني: الإضرار بالمصلين بسبب تأذيهم بالحر.
وكلا المعنيين متحققان في البلاد الحارة-فاستحب الإبراد- ومنعدمان في البلاد المعتدلة فاستحب التعجيل والمسارعة في الخير (٢).
يمكن أن يناقش: الأدلة الواردة في مشروعية الإبراد لم تخص بلاد دون أخرى، فيبقى العام على عمومه ما لم يرد ما يخصصه (٣) لأن التخصيص تحكم بلا دليل.
يمكن أن يجاب: الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فإذا علق الشارع حكمًا بعلة فإنه يثبت بثبوتها وينتفي بانتفائها (٤).
واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل-يستحب الإبراد بصلاة الظهر - مطلقًا - لا فرق بين البلاد الحارة وغيرها-بما يلي:
الدليل الأوّل: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ) (٥).
(١) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ١٨٨) (١١٢٩) وجوّد إسناده الألباني في مختصر صحيح الإمام البخاري (١/ ٢٧٥).(٢) بتصرف بدائع الصنائع (١/ ١٢٥)، انظر المنتقى للباجي (١/ ٣١)، شرح العمدة، لابن تيمية (١/ ١٩٩، ٢٠٠)(٣) انظر: التقريب والإرشاد، للباقلاني (٣/ ٣٥)، رسالة في أصول الفقه،، العبكري (١/ ١٠٦)(٤) روضة الناظر (٢/ ٢٥٩)، إعلام الموقعين (٥/ ٥٢٨).(٥) رواه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة، باب الإبراد بالظهر في شدة الحر (١/ ١١٣) (٥٣٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute