وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ الحُسَيْنِ الحَافِظَ يَحْكِي عَنْ عَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ الدَّرِسْتِيْنِي، أَنَّ أَبَا حَاتِمٍ كَانَ يَعْرِفُ الاسْمَ الأَعْظَمَ، فَمَرِضَ ابْنُهُ فَاجتَهَدَ أَنْ لاَ يَدْعُوَ بِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَنَالُ بِهِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا اشْتَدَّتِ العِلَّةُ، حَزِنَ، وَدَعَا بِهِ، فَعُوفِي، فَرَأَى أَبُو حَاتِمٍ فِي نَوْمِهِ: اسْتَجَبْتُ لَكَ وَلَكِن لاَ يُعقِبُ ابْنُك.
فَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَعَ زَوْجَتِهِ سَبْعِيْنَ سَنَةً، فَلَمْ يُرْزَقْ وَلَداً، وَقِيْلَ: إِنَّهُ مَا مَسَّهَا.
وَقَالَ الرَّازِيُّ: وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ أَحْمَدَ الخُوَارِزْمِيَّ يَقُوْلُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ أَبِي حَاتِمٍ يَقُوْلُ:
كُنَّا بِمِصْرَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، لَمْ نَأْكُلْ فِيْهَا مَرَقَةً، كُلُّ نَهَارِنَا مُقَسَّمٌ لِمَجَالِسِ الشُّيُوْخِ، وَبَاللَّيْلِ: النَّسْخُ وَالمُقَابَلَةُ.
قَالَ: فَأَتَيْنَا يَوْماً أَنَا (١) وَرَفِيْقٌ لِي شَيْخاً، فَقَالُوا: هُوَ عَلِيْلٌ، فَرَأَينَا فِي طَرِيْقِنَا سَمَكَةً أَعْجَبَتْنَا، فَاشتَرِيَنَاهُ، فَلَمَّا صِرنَا إِلَى البَيْتِ، حَضَرَ وَقْتُ مَجْلِسٍ، فَلَمْ يمكنَا إِصْلاَحه، وَمَضَينَا إِلَى المَجْلِسِ، فَلَمْ نَزَلْ حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَكَادَ أَنْ يَتَغَيَّرَ، فَأَكَلْنَاهُ نِيْئاً، لَمْ يَكُنْ لَنَا فَرَاغٌ أَنْ نُعْطِيَهْ مَنْ يَشْوِيه.
ثُمَّ قَالَ: لاَ يُسْتَطَاعُ العِلْمُ بِرَاحَةِ الجَسَدِ (٢) .
قَالَ الخَطِيْبُ الرَّازِيُّ: كَانَ لعَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَلاَثُ رحْلاَتٍ: الأُوْلَى مَعَ أَبِيْهِ سَنَةَ خَمْسٍ، وَسَنَةَ سِتٍّ، ثُمَّ حَجَّ وَسَمِعَ: مُحَمَّدَ بنَ حَمَّادٍ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ، ثُمَّ رَحَلَ بِنَفْسِهِ إِلَى السَّوَاحِلِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ، سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَمائَتَيْنِ، ثُمَّ رَحَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ، فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّيْنَ، فَلَقِيَ يُوْنُسَ بنَ حَبِيْبٍ (٣) .
سَمِعْتُ الوَاعِظَ أَبَا عَبْدِ اللهِ القَزْوِيْنِيَّ يَقُوْلُ: إِذَا صَلَّيْتَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
(١) في الأصل: " وأنا ". والتصحيح من " التذكرة ".(٢) انظر: تذكرة الحفاظ: ٣ / ٨٣٠.(٣) انظر: تاريخ ابن عساكر: خ: ١٠ / ٨٣ أ، وتذكرة الحفاظ: ٣ / ٨٣١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute