تجب بالموت، وإذا مات المجني عليه، خرج بالموت عن تصور [حصول](١) الملك له؛ فاقتضى ذلك ثبوتُ الحق للورثة؛ فإنها تجب [لهم](٢). والقول الثاني - أن نقدر الملك [للقتيل](٣) أولاً في ألطف زمان، ثم نقضي بانتقالها، وهذا القائل لا يمنع [تقدير](٤) الملك للميت، كما لا يمنع تقدير بقاء الدّين عليه، [وإن](٥) رمّت عظامه.
فإن قلنا: الدية تثبت له، فالإباحة تُسقطها، وإن قلنا: الدية تثبت للورثة ابتداء، فالإباحة لا تعمل فيها، فإن قيل: إذا كانت الدية تثبت (٦) بعد الموت، وهي عرضة للانتقال إلى الورثة، فينبغي أن لا تؤثر الإباحة إلا في ثلثها؛ اعتباراً بما يصدر منه في مرض موته، [وبما](٧) يوصي به بعد وفاته؟ قلنا: لم يعف عن واجب، وإنما أباح سبباً لو لم يكن صادراً عن إباحته، لتضمن مالاً.
هذا تحقيق القول فيما ذكرناه.
فإن قلنا: الدية تجب على القاتل، فتلزمه الكفارة، وإن قلنا: لا تلزمه الدية، فالمذهب (٨) أن الكفارة تلزمه؛ فإنها تجب للاعتراض (٩) على حق الله في الدم، وذلك لا يؤثر فيه الإباحة.
وذكر ابن سريج وجهاً آخر من تخريجاته: أن الكفارة لا تلزمه، كما لا تلزمه الدية، وهذا بعيد، ووجهه على بعده أن حق [الله](١٠) يتبع في وجوبه وسقوطه
(١) زيادة من المحقق. (٢) زيادة اقتضاها السياق. (٣) في الأصل: "للقتل". (٤) في الأصل: "تقدر". (٥) في الأصل: "فإن". (٦) أي تثبت له بعد موته في ألطف لحظة. (٧) في الأصل: "ومما". (٨) عبارة الرافعي: أصحّهما الوجوب (الشرح الكبير: ١٠/ ٢٩٧). (٩) الاعتراض على حق الله: المعنى: الجناية على حق الله، كما عبر بذلك الرافعي (السابق نفسه) ولعل صوابها: "للاعتداء على حق الله في الدم". (١٠) في الأصل: " ـ ـه " هكذا تماماً وبدون نقط.