فاختلف أصحابنا: فمنهم من نقل الأجوبة في المسائل بعضَها إلى بعض، وأجرى في الكل قولين: أحدهما - أنه يتعلق به انقضاء العدة، وتثبت أمية الولد، ويتعلق به الغرة؛ تعويلاً على قول [القوابل](١)، فإليهن الرجوع مهما (٢) أشكل شيء مما يختصصن بمعرفته.
والقول الثاني - أنه لا تثبت هذه الأحكام؛ لأن الملقَى ليس ولداً، وإخبارُهن عما سيكون لا تعويل عليه، وهو بمثابة قولهن: العلَقة الملقاةُ أصلُ الولد.
ومن أصحابنا من أقرّ النصوص قرارها، وسلك طريق الفرق قائلاً بأن انقضاء العدة يتعلق ببراءة الرحم بسبب وضع الحمل، والذي وضعته يسمى حملاً، قال الله تعالى:{وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٤]، والغرّة بَدل مولود، وأمية الولد مربوط صريحاًً بالولد، واسم [الولد](٣) لا يطلق على اللحم الملقى، ثم هذا القائل يقول: لا نُلْزَمُ (٤) العَلَقَةَ في جانب العدة؛ فإن التي ألقتها لا تسمى حملاً.
ثم ما ذكره الأصحاب من قول [القوابل](٥) في العَلَقة تكلّفٌ؛ فإنهن لا يقطعن بذلك في دمٍ قط، بخلاف اللحم.
ومما ذكره الأئمة: القاضي والعراقيون: أنها إذا ألقت لحماً، وزعمت القوابل أنه بدأ فيه التخطيط الخفي، فهذا بمثابة التشكُّل والتخلق في الأعضاء، ولا يُنكَر أن يعرفن [مِنْ](٦) ذلك ما لا ندركه حسّاً، ومحل النصوص واضطراب الأصحاب فيه إذا قلن: لم يبدأ التخطيط الخفي والجلي، ولكن الملقَى لحمُ ولدٍ، هذا محل الكلام.
(١) في الأصل: قول القابل. (٢) مهما: بمعنى (إذا). (٣) زيادة اقتضاها السياق. (٤) " لا نُلْزَمُ العلقة " أي لا يُحتَجُّ علينا بأنه يلزمنا -على قولنا تنقضي العدة بلقاء اللحم- أن نقول: بانقضائها بالعَلَقَة؛ فالعلقةُ لا تسمَّى حملاً. (٥) في الأصل: قول القائل. (٦) زيادة من المحقق.