قال أبو الليث: لا نأخذ بهذا القول بل عليهم الحفظة، والآية تذكر الحفظة في شأن الكفار، ألا ترى إلى قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (٩) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (١٠) كِرَامًا كَاتِبِينَ (١١)} (١)، وقال في آية آخرى:{وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ}(٢) فأخبر اللّه تعالى أن الكفار يكون لهم كتابًا ويكون عليهم حفظة، فإن قيل: الذي يكون عن يمينه إذا لم يكن له حسنة، إيش يكتب؟ قيل له: الذي يكتب عن شماله يكتب بإذن صاحبه ويكون شاهدًا على ذلك وإن لم يكتب (٣).
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا تبولن في مغتسلك" قال المنذري: وإنما نهى عن ذلك إذا لم يكن له مسلك يذهب فيه البول، وإن كان المكان صلبًا فيخيل إليه أنه يصيبه شيء من رشاشه فيحصل منه الوسواس (٤)، انتهى.
فائدة: يكره أن يبول قائمًا بلا عذر أو يتغوط لما روى ابن ماجة وابن حبان والبيهقي عن عمر أنه قال: رآني رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبول قائمًا، فقال:"يا عمر، لا تبل قائمًا" قال: فما بلت بعدها قائمًا (٥)؛ وفي الترمذي والنسائي وابن ماجة
(١) سورة الانفطار، الآيات: ٩ - ١١. (٢) سورة الانشقاق، الآية: ١٠. (٣) بستان العارفين (ص ٣٧٤ - ٣٧٥). (٤) قاله الخطابي في معالم السنن (١/ ٢٢)، وعنه النووي كما في تهذيب الأسماء واللغات (٣/ ٧٢)، وابن الأثير كما في النهاية (١/ ٤٤٥). (٥) أخرجه ابن ماجة (٣٠٨)، وابن حبان (١٤٢٣)، والحاكم ١/ ١٨٥، والبيهقي في الكبرى (١/ ١٦٥ رقم ٤٩٣). قال الترمذي عقب حديث (١٢): وحديث عمر إنما روي من =