وعن الحسن قال: مات عمر ولم يجمع القرآن، قال أموت وأنا في زيادة أحب إلي من أن أموت وأنا في نقصان، قال الأنصاري: يعني نسيان القرآن (١)، وكان ابن عيينة يذهب في أن النسيان الذي يستحق اللوم ويضاف إليه الإثم هو الترك للعمل به وأن النسيان في كلام العرب الترك، قال الله تعالى:{نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ}(٢) أي: تركوا طاعة الله فترك رحمتهم، قال سفيان: وليس من اشتهى حفظ شيء من القرآن وتفلت بناس له إذا كان يحل حلاله ويحرم حرامه، قال القرطبي: وهذا تأويل حسن جدا، وفيه: توجيه إلى أن الله تعالى أثنى على من كان دأبه قراءة القرآن فقال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ}(٣) أي: بالقرآن، وسمي القرآن ذكرا وتواعد من أعرض عنه ومن تعلمه فنسبه فقال تعالى: {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (٩٩) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ} الآية إلى قوله تعالى: {حِمْلًا}(٤) وقال [بعد] ذلك {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} إلى قوله تعالى: {وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا}(٥) فهذا ظاهر تلاوة القرآن وكذلك ظاهر الحديث فإذا كان نسيان القرآن من الذنوب بهذا المحل فلا احتراز منه إلا بإدمان القرآن وقال - صلى الله عليه وسلم -: "يا أهل القرآن لا توسدوا القرآن
(١) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (٣٤٦). (٢) سورة التوبة، الآية: ٦٧. (٣) سورة الإسراء، الآية: ٧٩. (٤) سورة طه، الآيتان: ٩٩ - ١٠١. (٥) سورة طه، الآيتان: ١٢٤ - ١٢٥.