قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - "حَتَّى يَقُومَ ثَلاثة مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ" يقول باللام الحديث فلا يحتاج إلى تقدير وشرط فيهم العقل وفي غير أبي داوود حتى يقوم بالميم قال النووي (١): هكذا هو في جميع نسخ مسلم يقوم ثلاثة هو صحيح أي يقومون بهذا الأمر فيقولون لقد أصابت فلانًا فاقة والحِجا بكسر الحاء المهملة مقصورًا هو العقل قاله المنذري والفاقة: الفقر والإحتياج قاله الحافظ (٢)، وإنما قال: النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - "من قومه" لأنهم أهل الخبرة بباطنه والمال مما يخفى في العادة فلا يعلمه إلا من كان خبيرًا يصاحبه ولهذا قال: "من قومه" ولو كان المراد العقل المشهور لم يكن للتخصيص فائدة إذا هو مشروط في كل شهادة [وهو أولى من القول بأنه خرج مخرج الغالب فيما مفهوم له والله أعلم] وإنما شرط الحجا تنبيهًا على أنه يشترط في الشاهد التيقظ فلا تقبل من مغفل وأما اشتراط الثلاثة فقال: بعض أصحابنا هو شرط في بينة الإعسار فلا تقبل إلا من ثلاثة لظاهر هذا الحديث قال الجمهور: تقبل من عدلين كسائر الشهادات غير الزنى وحملوا الحديث على الإستحباب وهذا الحديث محمول على من عرف له مال فلا يقبل قوله: في تلفه والإعسار إلا ببينة وأما من لم يعرف له مال فالقول قوله: في عدم المال (٣) ا. هـ.
ولم يحتج في الجائحة إلى مثل هذا لظهور أمرها، وفيه من العلم أن من ثبت عليه حق عند حاكم من الحكام وطلب المحكوم له به حبسه وأدعى
(١) شرح النووي على مسلم (٧/ ١٣٣). (٢) أى المنذرى. (٣) شرح النووي على مسلم (٧/ ١٣٣ - ١٣٤).