للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قَالَ أَخِي أَبُوعَبْدِاللهِ رَحِمَهُ الله: فَتَسْوِيغُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإحْلَالَ لِنَفْسِهِ لَوْلا الْهَدْيَ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ مُفْرِدًا لِلْحَجِّ غَيْرَ قَارِنٍ، لأَنَّه لَا يَجُوزُ لِلْقَارِنِ الإحْلالُ, كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ, حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ (١).

قَالَ الْمُهَلَّبُ:

فَهَذَا مَا لَا ذَهَابَ عَنْهُ مِنْ قَوْلِ أَنَسٍ نَفْسِهِ وَرِوَايَتِهِ عِنْ نَبِيِّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَذلِكَ رَوَتْهُ عَنْهُ عَائِشَةُ وَجَابِرٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ قَوْلِهِ: «لَوْلَا الْهَدْيُ لأَحْلَلْتُ»، مَع قَوْلِ عَائِشَةَ فِي حَدِيثِ عَمْرِةَ: خَرَجْنَا لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ لَا نَذْكُر إِلا الْحَجّ.


(١) إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه الهدي أن يحل ولم يسأله عن نسكه أكان متمتعا أو قارنا، فلو أن متمتعا كان ساق معه هديا لما جاز له أن يحل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك لو أن قارنا لم يسق الهدي لجاز له، وعدم تجويزه الإحلال للقارن كان معه هدي أو لم يكن دعوى بلا دليل، بل العموم يشمله.

وقد اختلف العلماء قديما في نسك النبي صلى الله عليه حتى قيل فيه بالأنساك كلها، وعد الإمام أَبُوعبد الله الحاكم هذه المسألة من نوع الاحاديث المتعارضة، وقال في معرفة علوم الحديث: في النوع التاسع والعشرين من علوم الحديث: هذا النوع من هذه العلوم معرفة سننٍ لرسول الله صلى الله عليه وآله يعارضها مثلها فيَحْتَجُّ أصحاب المذاهب بأحدهما، وهما في الصحة والسقم سِيَّان أهـ، ثم ذكر الأحاديث الدالة على أنه حج مفردا وقارنا ومتمتعا، وصححها كلها، وأحال على كتاب ابن خزيمة فإنه قد شفى فيه.
وقال النووي رحمه الله: قد اختلفت الروايات في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم هل كان قارنا او مفردا او متمتعا، وقد ذكر البخاري ومسلم رواياتهم، وطريق الجمع بينها أنه كان صلى الله عليه وسلم كان أولا مفردا، ثم صار قارنا، فمن روى الإفراد فهو الأصل، ومن روى القران اعتمد آخر الأمر، ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع والارتفاق وقد ارتفق بالقِران كارتفاق المتمتع وقد جمع بينها أَبُومحمد بن حزم في كتاب صنَّفه في حجة الوداع .. أهـ (شرح مسلم ٨/ ٣٨٦) قلت: وكتاب أبِي محمد بن حزم مطبوع فطالعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>