ثم ذكر قولًا محكيًّا عن طائفة من أهل العلم بالوجوب، وعلق عليه بقوله: "وما أظن هذا المذهب يصح عن أحد، ولعلهم أرادوا استحباب تجديد الوضوء عند كل صلاة" (٢). ونقله عنه ابن حجر (٣).
ابن تيمية (٧٢٨ هـ) حيث يقول: "أما الحكم، وهو أن من توضأ لصلاة، صلى بذلك الوضوء صلاة أخرى؛ فهذا قول عامة السلف والخلف، والخلاف في ذلك شاذ" (٤).
وقال أيضًا: "وأما القول بوجوبه؛ فمخالف للسنة المتواترة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولإجماع الصحابة" (٥).
• الموافقون على الإجماع: وافق على هذا الإجماع ابن عباس، وسعد بن أبي وقاص، وأبو موسى، وجابر -رضي اللَّه عنهم-، وعبيدة السلماني، وأبو العالية، وسعيد بن المسيب، والأسود بن يزيد، والحسن، وإبراهيم النخعي، والسدّي (٦)، والحنفية (٧)، والحنابلة في الصحيح من المذهب عندهم (٨).
• مستند الإجماع:
١ - حديث بريدة -رضي اللَّه عنه-، قال: "صلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم فتح مكة خمس صلوات بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال له عمر: صنعت شيئًا -يا رسول اللَّه- لم تكن تصنعه، فقال عليه الصلاة والسلام:"عمدا فعلته يا عمر"(٩).
• وجه الدلالة: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ترك مداومته على الوضوء لكل صلاة؛ بيانًا للأمة بأنه مستحب، وليس بواجب (١٠).
٢ - حديث أنس -رضي اللَّه عنه-، قال:"كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتوضأ عند كل صلاة، قيل له: كيف كنتم تصنعون؟ قال: يجزئ أحدنا الوضوء ما لم نحدث"(١١).
(١) "شرح مسلم" (٣/ ١٧٧). (٢) "شرح مسلم" (٣/ ١٧٧). (٣) "فتح الباري" (١/ ٣١٦). (٤) "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٣٧١). (٥) "مجموع الفتاوى" (٢١/ ٣٧٣). (٦) "التمهيد" (١٨/ ٢٣٨)، و"الاستذكار" (١/ ١٥٥)، وانظر: "التاج والإكليل" (١/ ٤٤٠)، و"مواهب الجليل" (١/ ٣٠٣). (٧) "المبسوط" (١/ ٥). (٨) "المغني" (١/ ١٩٨)، و"الفروع" (١/ ١٥٥)، و"الإنصاف" (١/ ١٤٧). (٩) مسلم كتاب الطهارة، باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد، (ح ٢٧٧)، (١/ ٢٣٢). (١٠) "شرح مسلم" للنووي (٣/ ١٧٧). (١١) البخاري كتاب الوضوء، باب الوضوء من غير حدث، (ح ٢١١)، (١/ ٨٧).