- أما الحكم الأخروي: فنقول كل كافر في النار، كل يهودي في النار، كل نصراني في النار. لكن ليس من لازم ذلك أن نحكم على معين بالنار، فلا نقول: فلان بن فلان في النار، فإن هذا أمر لا يعلمه إلا الله ﷿، بل نكتفي بالحكم العام. فلعل هذا الإنسان يكتم إيمانه! كما يحكى عن بعض القسيسين، في بعض البلاد، أنه يفتح عليهم الباب فجأة، فيوجد قد صف قدميه يصلي! لكنه يخاف من قومه أن يقتلوه، فيستخفي بإيمانه، كمؤمن آل فرعون: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ﴾ [غافر: ٢٨].
وقد أخبر النبي ﷺ عن رجل أتى بكلمة كفر محققة، ومع ذلك ما لبث أن غفر الله له: فعنْ أَبِي سَعِيدٍ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ:" (أَنَّ رَجُلًا فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، رَاشَهُ اللهُ مَالًا وَوَلَدًا، فَقَالَ لِوَلَدِهِ: لَتَفْعَلُنَّ مَا آمُرُكُمْ بِهِ أَوْ لَأُوَلِّيَنَّ مِيرَاثِي غَيْرَكُمْ، إِذَا أَنَا مُتُّ، فَأَحْرِقُونِي - وَأَكْثَرُ عِلْمِي أَنَّهُ قَالَ - ثُمَّ اسْحَقُونِي، وَاذْرُونِي فِي الرِّيحِ، فَإِنِّي لَمْ أَبْتَهِرْ عِنْدَ اللهِ خَيْرًا، وَإِنَّ اللهَ يَقْدِرُ عَلَيَّ أَنْ يُعَذِّبَنِي، قَالَ: فَأَخَذَ مِنْهُمْ مِيثَاقًا، فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ، وَرَبِّي، فَقَالَ اللهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: مَخَافَتُكَ، قَالَ فَمَا تَلَافَاهُ غَيْرُهَا)(١)
قد قال كلمة كفر، وشك في قدرة الله: "وَإِنَّ اللهَ يَقْدِرُ عَلَيَّ أَنْ يُعَذِّبَنِي"، فهذه الجملة في حد ذاتها كفرية، لأنها تتضمن الشك في قدرة الله، والشك في البعث، وذلك كفر باتفاق. وأخذ عليهم العهود والمواثيق على ذلك. فلما أن مات صنع بنوه ما أوصاهم به، فأحرقوه، وسحقوه. فلما كان في يوم شديد الريح، ذرُّوا رماده؛ نصفه في البر، ونصفه في البحر، كما جاء في بعض الروايات. أمر الله البحر، وأمر البر