فهذا الباب باب خطير، يجب التوقي منه، والحذر من التسرع فيه. وليس مقتضى ذلك ألا يحقق الكفر على مستحقه، فلا شك أن الله تعالى خلق الخلق؛ فمنهم كافر ومنهم مؤمن. كما قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾ [التغابن: ٢].
لكن تحقيق الكفر على معين يستلزم توفر شروط، وانتفاء موانع، كما أسلفنا. فإذا تحقق ذلك، فإنه يجب أن يوصف بما يستحق. وإذا لم يتحقق فإنه يجب التوقي والحذر، فلأَن تخطئ في إدخال أو في إبقاء وصف الإسلام على من لا يستحقه، خير من أن تخطئ في إخراج مسلم عن وصف الإيمان، لأن الخطأ في هذا أعظم.
وهؤلاء الذين يأتون هذه المكفرات، إن كان الأصل فيهم الإسلام، كما هو حال كثير من عوام المسلمين، إما لأنهم نشأوا في بادية بعيدة، ولم يوجد من يعلمهم، أو أضلهم علماء السوء، وأغروهم ببعض الأعمال الشركية، فإنهم لا يكفرون بأعيانهم، لأن الأصل فيهم الإسلام. والحكم الدنيوي، إذا مات أحدهم: أن يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين، وأمره إلى الله. ولا يمكن أن نخرج من الإسلام من دخل فيه، إلا ببينة وبرهان، كالشمس في رابعة النهار، بأن يبلغه العلم البين الواضح، وتقوم عليه الحجة الرسالية، فيأبى ويستكبر.
أما من كان من غير أهل الإسلام:
- فإنه في الأحكام الدنيوية: يحكم عليه بالكفر، ويعامل معاملة الكفار، بحسب حاله؛ من ذمي، أو معاهد، أو مستأمن، أو حربي.