(فأما حديث أسامة ﵁، فإنه قتل رجلاً ادعى الإسلام، بسبب أنه ظن أنه ما ادعاه إلا خوفاً على دمه وماله، والرجل إذا أظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك. وأنزل الله تعالى في ذلك: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُوا﴾، أي تثبتوا، فالآية تدل على أنه يجب الكف عنه، والتثبت، فإن تبين منه بعد ذلك ما يخالف الإسلام قُتل، لقوله تعالى: ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ ولو كان لا يقتل إذا قالها، لم يكن للتثبت معنى)
بهذا تبين الجواب عن قصة أسامة، وأن الأصل فيمن قال لا إله إلا الله الكف عنه. فليس لنا إلا الظاهر، ثم بعد ذلك ننظر في حاله؛ فإن أتى بما يناقضها تبين أنه إنما قالها نفاقًا وتعوذا، فنجري عليه أحكام الكفار، وأما إذا لم يفعل ما يناقض ذلك، فالأصل أنه من جملة المسلمين، معصومي الدم والمال. فلا حجة لهم في حديث أسامة. فلهذا الله تعالى أمر عباده المؤمنين أن يتبينوا ولا يسارعوا في قتل أحد، فنحن دعاة، لا عتاة، ولا جُباة، هدفنا أن يدخل الناس في دين الله، لا أن نسفك دماءهم، ونغنم أموالهم.