للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى عرفة، يقول قائلهم: نحن الحمس، نحن أهل الحرم، لا نخرج منه. ولهذا جاء في حديث جابر بن عبد الله، ، في سياق حجة الوداع، قال: (وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ، فَضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ ، لَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ، إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، أَوِ الْمُزْدَلِفَةِ، كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ ، حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَوَجَدَ الْقُبَّةَ، قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ) (١)، فخالف رسوم قريش، وإنما سميت المزدلفة جمعًا، لأنها تجمع قريشًا مع بقية العرب، فإذا أفاض الناس من عرفة، ونزلوا المزدلفة، اجتمعوا مع قريش، ثم إنهم بعد ذلك، يأتون منى، ويذكرون مفاخر آبائهم، طوال أيام التشريق.

وكانوا يتصدقون، فكانت قريش تسقي الحجاج، وتطعمهم، بل كانوا ينزلونهم بيوتهم، ويعدون ذلك من القربات.

وكان منهم من يفك العاني، وينصر المظلوم، ونحو ذلك من الأمور الحسنة، والمكرمات.

منهم: عبد الله بن زيد بن جدعان، حتى إن عائشة ، سألت النبي ، عن ابن جدعان، فقالت: (يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ جُدْعَانَ، كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟ قَالَ: " لَا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) (٢)، قال تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣].

قوله: (ولكنهم يجعلون بعض المخلوقين وسائط بينهم وبين الله ﷿: يعني أنهم أفسدوا عباداتهم تلك بالشرك، فكانوا يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك، ملكته وما


(١) أخرجه ابن ماجه رقم (٣٠٧٤).
(٢) أخرجه مسلم رقم (٢١٤).

<<  <   >  >>