(وهو الذي كسر صور هؤلاء الصالحين، أرسله إلى أناس يتعبدون، ويحجون، ويتصدقون، ويذكرون الله، ولكنهم يجعلون بعض المخلوقين وسائط بينهم وبين الله ﷿؛ يقولون: نريد منهم التقرب إلى الله، ونريد شفاعتهم عنده؛ مثل: الملائكة، وعيسى، ومريم، وأناس غيرهم من الصالحين).
حينما دخل النبي ﷺ مكة عام الفتح، كان حول البيت ثلاثمائة وستين صنمًا، فجعل النبي ﷺ يطعنها برمحه، وهو يقول: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ [الإسراء: ٨١]. ودخل جوف الكعبة، ووجد صورًا معلقة لإبراهيم، والمسيح، ﵉، فأمر بمحوها بالماء، وأزال جميع مظاهر الشرك ﷺ.
وقد يظن بعض الناس، أن النبي ﷺ أرسل إلى قوم ملحدين، إباحيين، لا يأتون شيئًا من الشعائر ألبته، بمنزلة الغفل من الناس الذين لا دين لهم! كلا! قد بعث النبي ﷺ في العرب، وكان العرب يتعبدون، ويحجون، ويعظمون البيت وحرماته، ويتصدقون، ويذكرون الله في شعرهم، ونثرهم كثيرًا، ذلك أنهم قد بقي لهم بقية من دين إبراهيم، ﵇.
فكانت جميع قبائل العرب تفد إلى مكة، في الموسم، ويخرجون من منى، ويجوزون المزدلفة، ويقفون بعرفة، إلا قريشًا، لم تكن تخرج