للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وكذلك في المساجد والجوامع والربط، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى، ومن التجأ إليهم، وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي (١)، وطائفة من التجار أخذوا لهم أمانا، بذلوا عليه أموالا جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم.

وعادت بغداد بعدما كانت أنس المدن كلها كأنها خراب ليس فيها أحد إلا القليل من الناس، وهم في خوف وجوع وذلة وقلة (٢).

وقال السبكي: هذه بغداد لم تكن دار كفر قط جرى عليها هذا الذي لم يقع منذ قامت الدنيا مثله وقتل الخليفة، وإن كان وقع في الدنيا أعظم منه إلا أنه أضيف له هوان الدين والبلاء الذي لم يختص بل عم سائر المسلمين. وهذا أمر قدره الله تعالى، فثبط له عزم هذا الخليفة ليقضي الله ما قدره (٣).


(١) قال السبكي في «الطبقات» ٨/ ٢٧٣ - ٢٧٤: وأما الوزير فإنه لم يحصل على ما أمل، وصار عندهم أخس من الذباب وندم حيث لا ينفعه الندم. ويحكى أنه طلب منه يوما شعيرا فركب الفرس بنفسه ومضى ليحصله لهم، وهذا يشتمه، وهذا يأخذ بيده، وهذا يصفعه، بعد أن كانت السلاطين تأتي فتقبل عتبة داره، والعساكر تمشي في خدمته حيث سار من ليله ونهاره، وأن امرأة رأته من طاق، فقالت له: يا ابن العلقمي! هكذا كنت تركب في أيام أمير المؤمنين؟! فخجل وسكت، وقد مات غبنا بعد أشهر يسيرة، ومضى إلى دار مقبره ووجد ما عمل حاضرا. اهـ.
(٢) «البداية والنهاية» ١٧/ ٣٥٩ - ٣٦٠.
(٣) «طبقات الشافعية» ٨/ ٢٧٢.

<<  <   >  >>