الأشعار ومناسباتها (١). ويجتمع بأبي السعادات مجد الدين المبارك بن محمد ابن الأثير (٢)؛ أخي المؤرخ المشهور عز الدين علي ابن الأثير؛ صاحب كتاب «الكامل في التاريخ»(٣).
وكان مجد الدين عاقلا مهيبا، ذا بر وإحسان، وهو لأمراء الموصل بمنزلة الوزير الناصح، إلا أنه انقطع إلى العلم بداره بدرب دراج، لمرض ألم به، وصنف من الكتب الحسان «جامع الأصول»، و «النهاية في غريب الحديث»، و «شرح مسند الشافعي»، وغيرها. فقرأ عليه سبط ابن الجوزي شيئا من تصانيفه، وأجازه بالباقي (٤).
وفي الموصل يسمع من نزيلها المسند البغدادي أبي بكر مسمار بن عمر ابن العويس النيار (٥).
ويلتقي علي بن الحسن الآبنوسي، فينشده أبياتا في نار السذق (٦)، وهي ليلة معروفة عند الأعاجم، وكان من عادة سلطانهم في بغداد أن يأمر فيها بإشعال النيران والشموع العظيمة في السفن والزواريق الكبار في دجلة، وعلى كل زورق قبة عظيمة، ويبيت أهل بغداد على ضفتي دجلة، وقد حملت الملاهي في السفن، ولا يبقى ببغداد من حاشية السلطان أحد إلا وهو يحمل الشمع والمشاعل. ويكثر الشعراء في وصف تلك الليلة (٧).
وبعد مغادرته الموصل يجتاز سبط ابن الجوزي بحران، ويعاود السماع بها من شيخه يحيى بن أبي الفتح بن الطباخ الضرير. وكان شيخا صالحا، فقيرا، صبورا على قضاء الله تعالى، دينا (٨).