للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو غير راض عنه (١). فلم يشهد علي وفاته (٢)، وحين ذهبوا بجنازته إلى تحت تربة أم الخليفة مكان جلوسه، صلى عليه علي اتفاقا؛ لأن الأعيان لم يقدروا على الوصول إليه (٣).

وبعيد وفاة أبيه تمادى علي في استهتاره، وسولت له نفسه إفساد ابن أخته يوسف، فدعاه ذات يوم إلى زيارة صديقه عبد السلام، قائلا له: لي صديق يشتهي أن يراك، ولم يعرفه من هو، ولندع سبط ابن الجوزي يحدثنا عما رآه في زيارته تلك، قال: «فمشيت معه، فأدخلني إلى دار شممت من دهليزها رائحة الخمر، ودخلنا، فإذا الركن عبد السلام جالس، وعنده صبيان مردان، وهو في حالة قبيحة، فلم أقعد، فصاح خالي والركن، فلم ألتفت، فتبعني خالي، وقال: خجلتني من الرجل. فقلت له: لا جزاك الله خيرا. وأسمعته غليظ الكلام» (٤).

هذه الحادثة وأمثالها ربما عززت لديه الرغبة في مغادرة بغداد، في رحلة لطلب العلم، وليمتحن قدرته في الوعظ فيما يمر به من بلاد، بعد أن نجح في الوعظ في بغداد.

وما ندري هل كان والداه على قيد الحياة قبيل مغادرته بغداد؟ فسبط ابن الجوزي لم يعد يحدثنا عنهما أبدا، إلا تلك الإشارة اليتيمة إلى والده، حين روى عنه حادثة تتعلق بصاحب المخزن ونائب الوزارة ظهير الدين أبي بكر ابن العطار (٥)، وإلى والدته حين حدثته عما سمعته من جده أبي الفرج قبيل وفاته (٦).

* * *


(١) مرآة الزمان (٢٢/ ٣٢١)، وينظر: «سير أعلام النبلاء» (٢٢/ ٣٥٣).
(٢) مرآة الزمان (٢٢/ ١١٧).
(٣) مرآة الزمان (٢٢/ ١١٤).
(٤) مرآة الزمان (٢٢/ ٢٠٢)، والمذيل على الروضتين (١/ ٢٥٣).
(٥) مرآة الزمان (٢١/ ٢٥٥، ٢٦٨ - ٢٦٩).
(٦) مرآة الزمان (٢٢/ ١١٤).

<<  <   >  >>