بيسان، فينزلها، ويقيم بها مدة يرتب فيها أموره. ثم يشرع بالزحف نحو دمشق (١).
ولم يكن الصالح إسماعيل في تلك الأيام في أحسن حالاته، فقد شل تفكيره الرعب الساكن بقلبه عقب هزيمته بغزة مع حلفائه الصليبيين، فراح يتهيأ للحصار في دمشق على عجل، فخرب كثيرا من الأبنية حول سورها، وهدم جسر باب توما، وسد النهر هناك، فطفا الماء حتى أغرق المساكن التي على حافة بردى بين جسري بابي توما والسلامة (٢). وسير وزيره أمين الدولة السامري إلى بغداد مستشفعا بالخليفة المستعصم بالله، متوسلا إليه ليصلح ما بينه وبين ابن أخيه الصالح أيوب. فرجع ولم يظفر بطائل. فازداد خوفا على خوف، لعلمه أن لا طاقة له مع حليفه المنصور إبراهيم؛ صاحب حمص بعساكر مصر لكثرتها، وقلة عسكرهما، مع فناء ما بقلعة دمشق من الذخائر.
وينازل الصاحب معين الدين دمشق، ويضايقها (٣)، ويقطع الخوارزمية على الناس الطرق، زاحفين عليها من كل ناحية (٤). وتنصب عليها المجانيق، ويرمى بها من بابي الجابية والصغير، وتنصب المجانيق من داخل البلد أيضا، ويترامى الفريقان.
وفي يوم الإثنين ٨ المحرم سنة ٦٤٣ هـ/ ٥ حزيران ١٢٤٥ م يبعث الصالح إسماعيل إلى معين الدين استهزاء به، بسجادة وإبريق وعكاز، قائلا له: اشتغالك بهذا أولى من اشتغالك بقتال الملوك. فيبعث إليه معين الدين بجنك (٥) ومزمار وغلالة حريري أحمر وأصفر، وقال: السجادة تصلح لي، وأنت أولى بهذا (٦).