أولاً: لأنّ الآية خبر لم يتضمن تكليفًا، وما كان كذلك لا يجري فيه النسخ.
ثانيًا: ولأنَّه قد دلَّ على معناها نصوص كثيرة من الكتاب والسُنة، وقد ذكرنا جملة منها.
ثالثًا: مما يدلّ على بطلان خصوصيتها بالأمم السابقة وجود النصوص الدالة على ما دلت عليه في شريعتنا، وشرع من قبلنا شرع لنا إذا وجد في شرعنا ما يقره ويؤيده.
رابعًا: القول بخصوصيتها بالكافر خلاف الظاهر، وليس عليه دليل.
أدلة المجيزين للنيابة مطلقًا أوفي حال دون حال:
الذين قالوا بالإجازة خصوا النصوص التي استدلّ بها المانعون بمخصصات كثيرة نذكر منها ما يأتي:
١- ما رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال:"كان الفضل رديف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، فجعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصرف وجه الفضل إلى الشقِّ الآخر، فقالت: إنَّ فريضة الله أدركت أبي شيخًا كبيرًا، لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: " نعم". وذلك في حجِّة الوداع"(١) .
٢- حديث أبي رزين العقيلي (٢) ، أنَّه أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: إنَّ أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحجّ، ولا العمرة، ولا الظعن، قال: "حج عن
(١) رواه البخاري (٢٤) - - كتاب جزاء الصيد، "فتح الباري" (٤/٦٧) ، ومسلم (انظره: بشرح النووي) (٩/٦٩) . (٢) هو: لقيط بن عامر بن صبرة بن عقيل بن كعب العقيلي أبو رزين صحابي، لم يذكروا تاريخ مولده ووفاته. راجع: "تهذيب التهذيب" (٨/٤٥٦) ، و"خلاصة تهذيب الكمال" (٢/٣٧٢) ، "الكاشف" (٣/١٣) .