يقول القرطبي:"أخبر تعالى أنّه ليس للإنسان إلا سعي نفسه، فمن قال إنّ له سعي غيره، فقد خالف الآية"(١) .
ويقول ابن كثير:"كلّ نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب فإنَّما عليها وزرها، لا يحمله عنها أحد، وكذلك لا يحصل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه"(٢) .
ويعتبر ما دلت عليه هذه الآية قاعدة من قواعد دين الله في كلّ شريعة أنزلها، فقد أخبر هنا أنَّ هذا كان مقررًا في الكتب الماضية العظيمة، وعند الرسل العظام: عند إبراهيم وموسى.
وعندما نجيل النظر في شريعتنا الغراء نرى نصوصًا كثيرة تدلّ على مثل ما دلت عليه الآية الماضية، فمن ذلك قوله تعالى:(وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[الأنعام: ١٦٤] ، فهذه الآية كتلك في معناها.
وجاءت النصوص تقرر أن الهداية والضلال، والمجاهدة والقعود، والتزكية والقدسية، كلّ ذلك خاص بمن حصل منه:(مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[الإسراء: ١٥] .