من حديث الرجل الذي آثر بُعْد منزله من المسجد كيما يكتب (١) أثره وخطاه، ورجوعه إلى أهله، وإقباله وإدباره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له:(أنطاك الله ذلك كله) أخرجه مسلم في "صحيحه"(٢). إذا لم يعلم السبب فقد سلَّم أبو إسحاق القائل "بأنه لا (٣) يستحب لمن لم يشاركه"(٤) أنه يستحب. وقول ابن أبي هريرة:"إنه يستحب لمن لم (٥) يشاركه"(٦)، هو الأصحُّ (٧)، كما في الرمل والاضطباع في الطواف، ولا يبطل بأن يقال: هذا إثبات للحكم (٨) مع انتفاء المعنى الذي هو سببه؛ لأنا نجعل سببه المعنى الناشئ من الإقتداء به - صلى الله عليه وسلم - كالتيمُّن به مثلاً، فهو إثبات للحكم مع انتفاء سببه الأول، لا مع انتفاء سبب (ما)(٩) مطلقاً، والله أعلم.
(١) في (د): كما تكتب، والمثبت من (أ) و (ب). (٢) أنظره - مع النووي - كتاب المساجد، باب فضل الصلاة المكتوبة في جماعة ٥/ ١٦٧، ولفظه في آخره: "قد جمع الله لك ذلك كله أما لفظ "أنطاك" فقد جاء في رواية أبي داود في سننه كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة ١/ ٣٧٧ رقم (٥٥٧). (٣) سقط من (ب). (٤) قال الغزالي: "ثم من شارك النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه المعاني - أي معاني مخالفة الطريق - تأسى به، ومن لم يشاركه في السبب ففي التأسي به في الحكم وجهان". أهـ الوسيط ٢/ ٧٩٠ - ٧٩١، وانظر قول أبي إسحاق في: فتح العزيز ٥/ ٥٦، المجموع ٥/ ١٣. (٥) سقط من (ب). (٦) انظر قوله في الموضعين السابقين من فتح العزيز والمجموع. (٧) وقد نقله النووي اتفاق الأصحاب على تصحيحه. انظر المجموع ٥/ ١٢. (٨) في (أ): الحكم. (٩) زيادة من (أ) و (ب).