الحرمين (١)، واتبعه هو فيها مع تصرف يسير، والذي عليه نَقَلَةُ المذهب أن المسألة ذات قولين، لا ذات وجهين (٢): أحدهما - وهو نصُّه في "الأم"(٣) -: أن فرضه طلب عين الكعبة. ومن الأصحاب من جعله المذهب قولًا واحداً، وقال: القول الثاني المنسوب إلى نقل المزني (٤): أن فرضه الجهة، لا يعرف للشافعي، وإنّما هو قول أبي حنيفة (٥)، وهذه هي طريقة الشيخ أبي حامد الأسفراييني (٦)، وهذا القول هو الأصح عند جماعة منهم: القفال (٧)، ومن الدليل عليه حديث ابن عباس في "الصحيحين"(٨)(أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما دخل البيت، خرج وصلّى إليه وقال هذه القبلة). ومن الدليل على القول بأن الجهة فرضه ما ثبت من قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: (ما بين المشرق والمغرب قبلة)(٩).
(١) انظر: نهاية المطلب ٢/ ل ١٧/ ب - ل ١٨/ أ. (٢) وأظهر القولين هو أن المطلوب عين الكعبة، انظر: التعليقة للقاضي حسين ٢/ ٦٨١، المهذب ١/ ٦٧، التنبيه ص: ٢٩، حلية العلماء ٢/ ٧٢، فتح العزيز ٣/ ٢٤٢. (٣) ١/ ١٩٠. (٤) انظر: مختصر المزني ص: ١٦. (٥) انظر مذهب أبي حنيفة في: بدائع الصنائع ١/ ١١٨، فتح القدير ١/ ٢٧٠، اللباب شرح الكتاب ١/ ٦٤. (٦) انظر النقل عنه في: التنقيح ل ٩٧/ أ. (٧) انظر النقل عنه في: روضة الطالبين ١/ ٣٢٩. (٨) انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب الصلاة، باب قول الله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ١/ ٥٩٧ رقم (٣٩٨)، وصحيح مسلم - مع النووي - كتاب الحج، باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره ٩/ ٨٧. (٩) رواه البيهقي في السنن الكبرى كتاب الصلاة ٢/ ١٥ رقم (٢٢٣٢). قال النووي: "وصح عن عمر - رضي الله عنه - موقوفاً عليه". المجموع ٣/ ٢٠٨.