ثبت في الصحيحين (١) من رواية ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع عمر يحلف بأبيه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم (٢)، فمن كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت)، والله أعلم.
ذكر فيما إذا حلف بالله، وزعم أنه ورّى، هل يُدَيَّنُ (٣) باطنا؟ وجهان (٤):
وجه: أنه لا يدين مع القطع بأنه يدين إذا قال: أنت طالق، وقال: أردت طلاقا من وثاق (٥)؛ أن (٦) الكفارة تتعلق بإظهار اللفظ المعظم ومخالفته، وهذا لا يزول بالتورية والإضمار بخلاف لفظ الطلاق. وقد ذكر الأصوليون، أو من ذكر ذلك منهم: أن من تلفظ بكلمة صريحة في الكفر، وزعم أنه ورّى ونوى بها ما ليس بكفر، فإنه يكفر ظاهرا و (٧) باطنا (٨)، والله اعلم.
(١) البخاري: ٦/ ١٨٢ في كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية، و١٠/ ٥٣٢ في كتاب الأدب، باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا، أو جاهلا، و١١/ ٥٣٧ في كتاب الأيمان والنذور، باب لا تحلفوا بآبائكم، ومسلم: ١١/ ١٠٤ - ١٠٦ مع النووي في كتاب الأيمان، باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى. (٢) نهاية ٢/ ق ١٥٢/ أ. (٣) يُدَيَّن: أي يصدق. انظر: المغرب ١/ ٣٠١، طلبة الطلبة ص ١٠٥. (٤) انظر: الوسيط: ٣/ ق ٢٠٦ / أ. (٥) انظر: فتح العزيز: ١٢/ ٢٣٧، والروضة: ٨/ ٩. (٦) كذا في النسخ، ولعل الصواب (لأن) والله أعلم. (٧) في (أ): (أو). (٨) لقوله تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: ٦٥، ٦٦]، وانظر: تيسير التحرير ٢/ ٢٩٩، شرح شمس الأصول ص ٥٣٦.