وَالسَّلْخُ:
وَيَسَمِّيْهِ قَوْمٌ الاهْتِدَامُ، وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ الهَدْمِ، فَكَأَنَّهُ هَدَمَ البَيْتَ مِنَ الشِّعْرِ تَشْبِيْهًا لِلبَيْتِ بِالبنَاءِ وَسَمِّيَ بَيْتًا؛ لأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى الحُرُوْفِ، كَمَا يَشْتَمِلُ البَيْتُ عَلَى مَا فِيْهِ. وَالسَّلْخُ قَرِيْبٌ مِنَ السَّلْبِ لَكِنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَهُوَ أَنَّ السَّلْبَ أَخْذُ المَعْنَى، وَتَغْيِيْرُ لَفْظِهِ، وَالسَّلْخُ أَخْذُ المَعْنَى وَالإِتْيَانُ بِأَكْثَرِ لَفْظِهِ، وَذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّاعِرُ أَكْثَرَ لَفْظِ بَيْتٍ لِشَاعِرٍ آخَرَ فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، فَيَأتِي بهِ فِي بَيْتٍ لِنَفْسِهِ فِي ذَلِكَ المَعْنَى بِعَيْنِهِ كَقَوْلِ بَعْضِهِم (١): [من الطويل]
خَلَقْنَا لَهُمْ فِي كُلِّ عَيْنٍ وَحَاجِبٍ ... بِسُمْرِ القَنَا وَالبِيْضُ عَيْنًا وَحَاجِبَا
سَلَخَهُ أَبُو نَصْرِ بن نُبَاتَةَ فَقَالَ (٢): [من الطويل]
خَلَقْنَا بِأَطْرَافِ القَنَا فِي ظُهُوْرِهِمْ ... عُيُوْنًا لَهَا وَقْعُ السُّيُوْفِ حَوَاجِبُ
وَكَقَوْلِ البُحْتُرِيِّ (٣): [من الكامل]
وَغرِيْرَةِ الأَلْحَاظِ نَاعِمَةِ الصِّبَا ... غَرِيَ الوُشَاةُ بِهَا وَلَجَّ العُذَّلُ
سَلَخَه المُتَنَبِّيّ فَقَالَ (٤): [من الكامل]
كَمْ وَقْفَةٍ سَحَرَتْكَ شَوْقًا بَعْدَمَا ... غَرِيَ الوُشَاةُ بِهَا وَلَجَّ العُذَّلُ
وَكَقَوْلِ أَبِي القَوَافِي (٥): [من الكامل]
رَدَّتْ صَنَائِعُهُ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ ... فَكَأَنَّهُ مِنْ نَشْرِهَا مَنْشُوْرُ (٦)
(١) معاهد التنصيص ٤/ ٢٩، حلية المحاضرة ٢/ ٦٤.(٢) سر الفصاحة ص ٢٥٢، يتيمة الدهر ٢/ ٤٥٥.(٣) ديوانه ٣/ ١٥٩٩.(٤) ديوانه ٣/ ٢٥٢.(٥) ديوان أبي القوافي الأسدي ص ٨١.(٦) وَمِنْ السَّلْخِ وَالاهْتِدَامِ كَقَوْلِ كُثَيِّرٍ فِي قَصِيْدَتِهِ الَّتِي يقَوْلُ فِي أَوَّلِهَا: =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute