وَتَقَابُلُ النَّظَرِ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ:
وَهُوَ أَنْ يَأتِي الشَّاعِرُ بِمَعْنًى فِي بَيْتٍ بِلَفْظٍ مَحْصُوْرٍ، فَيَأتِي شَاعِرٌ آخَرَ بِجُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ المَعْنَى فِي جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ مُضَافًا إِلَى لَفْظٍ غَيْرِهِ، أَوْ يَأتِي بِالمَعْنَى سَائِرِهِ فِي لَفْظٍ غَيْرَ لَفْظِ الأَوَّلِ جَمِيْعِهِ، فَيَكُوْنُ ذَلِكَ تَقَابُلُ النَّظَرِ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ، كَقَوْلِ أَبِي نُواسٍ (١): [من المديد]
لَا أَذُوْدُ الطَّيْرَ عَنْ شَجَرٍ ... قَدْ بَلَوْتُ المُرَّ مِنْ ثَمَرِهْ
قَابَلَ النَّظَرَ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ أَبُو الطَّيِّبِ المُتَنَبِّيِّ، فَقَالَ (٢): [من الكامل]
فَكَأَنَّهَا شَجَرٌ بَدَا لَكِنَّهَا ... شَجَرٌ جَنَيْتُ المَوْتَ مِنْ ثَمَرَاتِهَا
وَقَالَ الحِصْنِيُّ فِي المَعْنَى (٣): [من البسيط]
تَخَيَّرُوا شَجَرَاتٍ غَيْرَ زَاكِيَةٍ ... لَقَدْ جَنَى ثَمَرَ المَكْرُوْهِ جَانِيْهَا
فَكِلَاهُمَا أَتَى بِمَعْنَى بَيْتِ أَبِي نُوَاسٍ، وَتَمَارَطَا فِيْهِ لَفْظَهُ، فَكُلُّ مَنْ حَصَلَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنَ اللَّفْظِ أَوْرَدَهُ، وَزَادَ عَلَيْهِ زُوَيِّدَةً مِنْ عِنْدِهِ يَسْتَحِيْلُ بِهَا المَعْنَى إِنْ حَالَلَهُ أَبُو نُوَاسٍ وَكَذَلِكَ قَوْلُ كُثَيِّرٍ (٤): [من الطويل]
أصُدُّ وَبِي مِثْلُ الجُنُونِ لِكَي تَرَى ... رُوَاةُ الخَنَا أنِّي لِبَيْتِكِ هَاجِرُ
قَابَلَ الأَحْوَصُ النَّظَرَ فِي المَعْنَى إِلَى مِثْلِهِ، فَقَالَ (٥): [من الكامل]
إنِّي لأَمْنَحُكَ الصُّدُوْدَ وَإِنَّنِي ... قَسَمًا إلَيْكَ مَعَ الصُّدُوْدِ لأمْيَلُ
(١) ديوانه ص ٤٢٧.(٢) ديوانه ١/ ٢٢٦.(٣) المنصف ص ٥٣٧.(٤) ديوانه ص ٩٩.(٥) ديوان الأحوص الأنصاري ص ١٦٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute