جَعَلَ العِذَارَ إشَارَةً فِي شَحْذِ عُنُقِهِ بالسَّيْفِ مِنْ غَيْرِ إفْصَاحٍ. وَأَخْبَرَ عَلِيُّ بنُ هَارُوْنَ عَنْ حَمَّادِ بنِ إسْحَقَ قَالَ: قُلْتُ لَأَبِي: أسْمَعُكَ تُكَرِّرُ ذِكْرَ الإِشَارَةِ فِي الشِّعْرَ وَتَقُوْلُ: إِنَّهَا مِنْ مَحَاسِنِهِ. فَمَا هِيَ؟ قَالَ: كَقَوْلِ الشَّاعِرِ (١): [من البسيط]
أَوْرَدْتُهُ وَصُدُوْرُ العِيْسِ مُسْنَفَةٌ ... وَاللَّيْلُ بِالكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ مَنْحُوْرُ
ثُمَّ قَالَ: ألَا تَرَاهُ فِي قَوْلِهِ: وَصُدُوْرُ العِيْسِ مُسْنَفَة قَدْ أَشَارَ إِلَى الفَجْرِ إشَارَةً لَطِيْفَةً بِغَيْرِ لَفْظِهِ، ثُمَّ قَالَ لِي: هَذَا الوَحْيُ. وَمِثْلُهُ قَوْلِ عُمَرَ بنِ نَضْلَةَ جَاهِلِيٌّ (٢): [من المتقارب]
جَعَلْتُ يَدَيَّ وِشَاحًا لَهُ ... وَبَعْضُ الفَوَارِسِ لَا يَعْتَنِقُ (٣)
(١) لعبد الرحمن بن علي بن علقمة في نقد الشعر ص ١٦١.(٢) نقد الشعر ص ١٦١.(٣) وَيُرْوَى لِعِيْسَى بن زُهَيْرٍ العَبْسِيّ وَقَبْلَهُ (١):تَرَكْتُ النِّهَابَ لأَهْلِ النِّهَابِ ... وَأَكْرَهْتُ نَفْسِي عَلَى ابنِ الصَّعِقِجَعَلْتُ يَدِي. البَيْتُ* * *قَالَ عِيْسَى بن عَبْدِ العَزِيْزِ الطَّاهِرِيّ: جَمَعَنِي وَقُدَامَةَ الكَاتِب مَجْلِسٌ فَلَمْ أَرَ أَعْرَفَ مِنْهُ بِالشِّعْرِ فَسَأَلتهُ عَنِ الإِشَارَةِ فَقَالَ هِيَ اشْتِمَالُ اللَّفْظِ القَلِيْلِ عَلَى المَعْنَى الكَبيْرِ بِاللمْحَةِ الدَّالَّةِ فَقُلْتُ مَا مِثَالهُ، قَالَ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا أَتَى بِهِ زُهَيْرٍ فِي قَوْله (٢):فَإِنِّي لَوْ لَقِيْتُكَ وَاتَّجَهْنَا ... لَكَانَ لِكُلِّ مُنْكَرَةٍ كِفَاءُوَقَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ يَصِفُ فَرَسًا:عَلَى هَيْكَلٍ يُعْطِيْكَ قَبْلَ سُؤَالِهِ ... أَفَانِيْنَ جَرْيٍ غَيْرَ كَزٍّ وَلَا وَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute