حَدَّثَ أَبُو تَغْلِبَ الفَضْلُ بنُ أَبِي دُلَفٍ أَنَّ أبَاهُ أبَا دُلَفٍ لَمَّا مَرِضَ بِقريَةِ السّلْم مَرْضَتُهُ الَّتِي مَاتَ فِيْها أمَرَ بِإخْرَاجِ مَا كَانَ مَعَهُ هُنَاكَ مِن سِلاحٍ وَخَيْلٍ وَكُرَاعٍ وَأنْ يَجْعَلَ لِلسَّبِيْلِ قَالَ فَأخْرَجْنَا فِيْمَا أخْرَجْنَا سَبع مَائَةٍ فُرْشٍ ثُمَّ جَمِيع مَا كَانَ سِوَى ذَلِكَ قَالَ وَأَمَرَنِي أَنْ أتَصَدَّقَ بِألْفِ دِيْنَارٍ، فَتَصَدَّقْتُ بِهَا عَنْهُ وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأعْلَمتُهُ أنِّي قَدْ أنْفَذْتُ جَمِيْعَ مَا أمَرَنِي بِهِ فَلَمَّا سَمِعَ أعْرَضَ عَنِّيَ وَعَنْ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ وَوَلَّى وَجْههُ إِلَى الحَائِطِ وَأنْشَأ يَقُولُ مُسْتَشْهِدًا بِقَولِ إبْرَاهِيْمُ بن المهْدِيّ:
ذَهبْتُ مِنَ الدُّنِيَا وَقَد ذَهَبَتْ مَنِّي. البيتُ وَبَعدَهُ (١):
فَإنْ أَبْكِ نَفْسِي أبْكِ نَفْسًا نَفِيْسَةً ... وَإِنْ أحْتَبِسْهَا أحْتَبِسْهَا عَلَى ضَنِّ
قَالَ: فَأبْكَى وَاللَّهُ جَمِيع مَن كَانَ عِنْدَهُ.
قَالَ إبْرَاهِيْمُ بن المهْدِيّ هذَا البَيْتُ مِن قَصِيْدَةٍ طَوِيْلَةٍ قَالَها حِيْنَ أفْلَتَ عِيْسَى بن مُحَمَّد بن أَبِي خَالدٍ مِن حَبسِهِ وَأحَسَّ بِخذلانِهِ إيَّاهُ يَقُولُ فِيْهَا:
وَأفْلتِي عِيْسَى وَكَانَت خَدِيْعَةً ... حَلَلتُ بِهَا مُلْكِي وَقُلْتُ بِهَا سنّى
قِيْلَ: وَاصْطَبَحَ المَأمُونُ يَومًا فَغَنَاهُ إبْرَاهِيْمُ بن المهْدِيّ وَقَد كَان خَافَهُ وَبَلَغَهُ عَنْهُ تَعَكُّرٌ. ذَهبْتُ مِن الدُّنيَا. البيت وبَعْدَهُ:
فَإنْ أبْكِ نَفْسِي أبْكِ نَفْسًا نَفِيْسَةً ... وَإِنْ أحْتَبِسْهَا أحْتَبِسْهَا عَلَى ضَنِّ
فَرَقَّ لَهُ المَأمُونُ لَمَّا سَمِعَهُ وَقَالَ: لا وَاللَّهِ لا تَذْهبُ نَفْسُكَ يَا إبْرَاهِيْمُ عَلَى يَدِ أمِيْرِ المُؤمِنِيْنَ فَطِبْ نَفْسًا فَإنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَد ألَفَكَ إلا أنْ تُحَدِّت حَدِيْثًا يَشْهدُ عَلَيْكَ فِيْهِ عَدلٌ وَأرْجُو أنْ لا يَكُونَ مِنْكَ حَدَثٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
٨١٨٣ - ذَهَبتَ مِنَ الهِجرانِ فِي غَير مَذهَبٍ ... وَلَم يَكُ حقًا طُولُ هذَا التَجَنُّبِ
٨١٨٤ - ذِئَابٌ فِي الثِيابِ لَها سُكونٌ ... مَتَى أَمكَنتَ مِنكَ الذِئبَ عَاثَا
(١) الأبيات في العقد الفريد: ٧/ ٣٩.٨١٨٣ - البيت في ديوان علقمة الفحل: ٨٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute