وَالسَّمَعُ يَصَمُّ عَنْ سِوَاهُ. فَالضَّرْبُ الأوَّلُ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ (١): [من الطويل]
فَيَا يَوْمَهَا كَمْ مِنْ مُنَافٍ مُنَافِقٍ ... وَيَالَيْلَهَا كَمْ مِنْ مُوَافٍ مُوَافِقِ
فَهَلْ يَسْمَعُ ذُو حِسٍّ هَذَا الكَلَامَ المُتَكَافِيءَ الأَلْفَاظِ، المُتَّزِنَ الصَّدْرِ وَالعَجُزِ، الصَّحِيْحَ القِسْمَةِ، فَيَقُوْلُ: إِنَّ التَّقِسِيْمَ سِوَى ذَلِكَ يَوْمٌ مُطَابِقٌ لِلَيْلٍ، وَمُنَافٍ مُطَابِقٌ لِمُوَافٍ، وَمُنَافِقٌ مُطَابِقٌ لِمُوَافِقٍ. وَكَقَوْلِ البُحْتُرِيِّ (٢): [من الهزج]
فَمَا أرْهَبُ إِنْ عَزُّوا ... وَلَا أبْهَجُ إِنْ هَانُوا
لَهُ فِي مَالِهِ هَدْمٌ ... وَفِي عُلْيَاهُ بنْيَانُ
لَوْ وُضِعَ هَذَانِ البَيْتَانِ فِي كَفّتَي مِيْزَانٍ لَخَرَجَا سَوَاءً (٣).
وَالضَّرْبُ الثَّانِي فِي التَّشْبِيْهِ كَقَوْلِ بَعْضِ الشَّامِيِّيْنَ: [من الكامل]
مِثْل الهِلَالِ أَوِ الغَزَالِ فَذَاكَ مِنْ ... نُظَّارِهِ نَاءٍ وَهَذَا نَافِرُ
وَكَقَوْلِ بَعْضِ المُحْدَثِيْنَ: [من الكامل]
كَالبَدْرِ أَوْ كَالمِسْكِ ذَاكَ لِبُعْدِهِ ... عَنْ نَاظِرَيْهِ وَذَا لِطِيْبِ ذَكَائِهِ
(١) لليوسفي في أنوار الربيع ١/ ١٣٦، ٦/ ١٦٣، وبلا عزو في خزانة الأدب للحموي ٢/ ٤٠٩.(٢) ديوانه ٤/ ٢٢٤٥.(٣) وَمِنْ هَذَا البَابِ قَوْلُ السّرِّيّ الرَّفَاء المُوْصَلِّيّ فِي التَّشْبِيْهِ (١):أَمَا تَرَى الغَيْمَ يَا مَنْ قَلْبهُ قَاسِي ... كَأَنَّهُ أَنَا مِقْيَاسًا بِمِقْيَاسِقَطْرٌ كَدَمْعِي وَبَرْقٌ مِثْلُ نَارِ هَوًى ... فِي القَلْبِ مِنِّي وَرِيْحٌ مِثْلُ أَنْفَاسِيوَمِثْلُ قَوْلِهِ فَذَاكَ مِنْ نَظَّارَةِ نَاءٍ وَهَذَا مِنْ قَوْلِ العَطَوِيّ (٢):يا قَمَرًا وَافَقَ التَّمَامَا ... إِقْرَأ عَلَى شِبْهَكَ السَّلَامَانَأَيْتَ عَنِّي وَبَانَ مِنِّي ... كلاكُمَا عَزَّ أَنْ يُرَامَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute