هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) (التوبة/٤٠)، قال تعالى (قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥)) (الشعراء/١٥)، وقال عزوجل فى خبر موسى عليه السلام (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢) (الشعراء/٦٢)
*الفائدة الثالثة: " وَإِذَا سَأَلْتَ فاَسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ... "
وقد أمر الله تعالى بسؤاله، فَقَالَ: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: ٣٢]
وفارق بين سؤال الخالق، وسؤال المخلوق:
فأما سؤال الخالق:
فالأصل فيه الإلحاح، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضى الله عنه-أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ: يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي) (١)
قال ابن حجر:
وفي هذا الحديث أدب من آداب الدعاء وهو أنه يلازم الطلب، ولا ييأس من الإجابة؛ لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار. (٢)
قال ابن القيم: " ومن أنفع الأدوية: الإلحاح في الدعاء " (٣)
* وأما سؤال المخلوق:
فإن الأصل فيه المنع، ففى حديث عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ-رضى الله عنه - قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «أَلَا تُبَايِعُونَ رَسُولَ اللهِ؟» قَالَ: فَبَسَطْنَا أَيْدِيَنَا وَقُلْنَا: قَدْ بَايَعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَعَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم:
عَلَى أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَتُطِيعُوا - وَأَسَرَّ كَلِمَةً خَفِيَّةً - وَلَا تَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا، فَلَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أُولَئِكَ النَّفَرِ يَسْقُطُ سَوْطُ أَحَدِهِمْ، فَمَا يَسْأَلُ أَحَدًا يُنَاوِلُهُ إِيَّاهُ. (٤) وعَنْ ثَوْبَانَ -رضى الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
" مَنْ يَتَكَفَّلُ لِي بِوَاحِدَةٍ، وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ "، قَالَ ثَوْبَانُ: أَنَا. قَالَ: " لَا تَسْأَلِ النَّاسَ "، يَعْنِي شَيْئًا، قَالَ: نَعَمْ.
(١) متفق عليه.
(٢) فتح الباري (١١/ ١٤١)، وصححه الألبانى فى صحيح الجامع (٦٦٠٣)
(٣) الجواب الكافي (ص/٢٥).
(٤) أخرجه مسلم (١٠٤٣) وأحمد (٢٣٩٩٣)