الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ" ". (١)
وفى حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ-رضى الله عنه- قَالَ:
كَانَ أَخَوَانِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانَ أَحَدُهُمَا يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ يَحْتَرِفُ، فَشَكَا المُحْتَرِفُ أَخَاهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ ". (٢) *
*وأما الثانى: فهو الإخبار:
فقد وردت البشارة لكل عبد قائم بأمر الله -تعالى- إذعاناً وامتثالاً، مسارعة وإقداماً، بشارة بحفظ الله -عزوجل- له في أصلين:
١ - الأول:
حفظ الله -تعالى- لعباده من مضلات الفتن في دينهم، فيحفظ عليه دينهم حتى يتوفاهم عَلَى الإسلام.
٢ - الثانى:
حفظ الله - تعالى- لعباده من مضايق المحن في دنياهم.
وأما الأصل الأول:
فيدل عليه قوله تعالى (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩)) (النحل/٩٩)، وقوله تعالى عن يوسف عليه السلام {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: ٢٤]
قال ابن رجب:
فمن أخلص لله-تعالى- خلَّصه الله -تعالى- من السوء والفحشاء، وعصمه منهما من حيث لا يشعر، وحال بينه وبين أبواب المعاصي المهلكة. (٣)
كذلك ما جاء بيانه فى حديث الولاية.
وهو ما رواه أَبو هُرَيْرَة -رضى الله عنه- قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ قَالَ:
مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ،
(١) أخرجه الحاكم (٢١٣٥) والبيهقى (١٠١٨٥)، قال الذهبي: "على شرط مسلم "، وانظر صحيح الجامع (٢٠٨٥)، والإجمال: هو الطلب بقصد واعتدال، مع عدم انشغال القلب.
(٢) أخرجه الترمذي (٢٣٤٥) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(٣) نور الاقتباس في مشكاة وصية النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس (ص/٥٦)