ودعوى أن الانسان - من دون الأنبياء - قد يسمع في نفسه هاتفاً من الرب يحدَّثه، هذه دعوى مشهورة عند أرباب التصوف، وهذه أكثرها ما يكون من تلبيس الشيطان على الخلق، يتكلم في نفوسهم بكلام ويوهمهم بأنه كلام رب العالمين، فيغترون بذلك على سذاجتهم وقلة علمهم، ويطيعون ذلك الهاتف كأنه وحي من السماء، وإن حدَّثهم بما يخرق حدود الشرع.
* فإن قيل:
قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وقد سئل:
هل خصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء دون الناس؟
فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه ". (٢)
* فجوابه:
أن المراد بقوله: " إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه ":
هوالعلم والفهم اللذان يحصلان للعبد من ثمرة العبودية والمتابعة، والصدق مع الله تعالى،
(١) انظر حاشيته البيجوري على الجوهرة (ص/٢١١) (٢) أخرجه البخاري (٦٩٠٣) وأحمد (٥٩٩)، وهذ لفظ أحمد.