وعليه يحمل أكثر الاستعمال الموجود في الأحاديث، والله أعلم. (١)
الوجه الثاني:
أن قول النبي -صلى الله عليه وسلم - في الصحيح:(لا يقولنَّ أحدُكم: لو؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان) فمحمول على من يقول ذلك معتمدًا على الأسباب، مُعرضًا عن المقدور، أو متضجرًا منه، كما حكاه الله تعالى من قول المنافقين حيث قالوا:{لَو أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} ثم ردَّ الله قولهم، وبيَّن لهم عجزهم، فقال:{قُل فَادرَءُوا عَن أَنفُسِكُمُ المَوتَ إِن كُنتُم صَادِقِينَ}. (٢)
* وقد ذكر الشيخ ابن العثيمين تفصيلاً في هذا الباب، فقال أن استعمال "لو" تأتي على وجوه:
الوجه الأول:
أن تستعمل في الاعتراض على الشرع، وهذا محرَّم، قال الله تعالى:{لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} في غزوة أحد حينما تخلف أثناء الطريق عبد الله بن أبي في نحو ثلث الجيش، فلما استشهد من المسلمين سبعون رجلا اعترض المنافقون على تشريع الرسول صلى الله عليه وسلم، وقالوا:
لو أطاعونا ورجعوا كما رجعنا ما قتلوا، فرأينا خير من شرع محمد، وهذا محرم وقد يصل إلى الكفر.
الثاني:
أن تستعمل في الاعتراض على القدر، وهذا محرَّم أيضا، قال الله تعالى:
أي: لو أنهم بقوا ما قتلوا; فهم يعترضون على قدر الله.
الثالث:
أن تستعمل للندم والتحسر، وهذا محرم أيضا; لأن كل شيء يفتح الندم عليك فإنه منهي عنه; لأن الندم يكسب النفس حزنا وانقباضا، والله يريد منا أن نكون في انشراح وانبساط، قال صلى الله عليه وسلم:
" احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن
(١) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (٩/ ١١٣) (٢) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٤/ ٦٣٨) والشرك في القديم والحديث (١/ ٦٢١)