فتح الله -تعالى- باب الدعاء رغباً ورهباً ليذكره الداعي بأسمائه وصفاته فيتوسل إليه بها، ولهذا كان أفضل الدعاء وأجوبه ما توسل فيه الداعي إليه بأسمائه وصفاته، قال الله تعالى:{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}[الأعراف ١٨٠]. (٢)
* وورد في حديث فضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ -رضى الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما سَمِعَ رجُلًا يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" عَجِلَ هَذَا "، ثُمَّ دَعَاهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقَالَ لَهُ:
قال الصنعانى: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عجل هذا":
أي بدعائه قبل تقديم الأمرين، فلم يحمد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه دليل على تقديم الوسائل بين يدي المسائل وهي نظير {إياك نعبد وإياك نستعين}[الفاتحة: ٥]، حيث قدَّم الوسيلة وهي العبادة، على طلب الاستعانة. (٤)
الثانى: التوسل بالعمل الصالح:
وذلك أن يدعو المسلم ربه -تعالى- متوسلاً بعمل صالح بين يدى دعائه، ومن أدلة هذا القسم من القرآن:
قال تعالى (الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)(آل عمران/١٦)
وقال تعالى
(١) أخرجه الطبراني في الكبير [٨٩١٧]، وذكره صاحب " الصحيح المسند من آثار الصحابة في الزهد والرقائق والأخلاق والأدب " (٢/ ١٥)، ثم قال: هذا توسل بأفعال الله عز وجل فلا إشكال فيه فقوله بـ [نعمتك] يعني [إنعامك] كقوله تعالى: {أن أشكر نعمتك التي أنعمت}، وبمثل هذا وجَّه شيخ الإسلام حديث: " اللهم إني أسألك بحق السائلين "، على فرض صحته، أن حق السائلين إجابة الله لهم، فعاد إلى كونه توسلاً بصفات الله عز وجل. انظر قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص/١٠٣) (٢) الصواعق المرسلة (٣/ ٩١١) (٣) أخرجه أحمد (٢٣٩٣٧) وأبوداود (١٤٨١) والترمذي (٣٤٧٧) وقال الترمذى: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»، وصحَّحه الحاكم ووافقه الذهبي.. (٤) سبل السلام (١/ ٢٨٦)