أنه لمَّا لم يُذكرْالمنظورإليه، كان هذاعاماً لكل ما يتنعمون بالنظرإليه، ولا شك أن أعلى النعيم فيما يُنظرإليه في الجنة إنما هوالنظرإلى وجه الله تعالى؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
والدليل على أنه ممكن أن يُرى في الآخرة بشرطه في الرؤية ما يمكن من استقرار الجبل ولا يستحيل وقوعه، ولو كان محالًا كون الرؤية لقيدها بما يستحيل وجوده، كما فعل بدخول الكافرين الجنة، قيَّد قبل ذلك بما يستحيل من دخول الجمل سمَّ الخياط. (٢)
قال أبو الحسن الأشعري:
فإن قال قائل: فلِم لا قلتم إن قول الله تعالى (فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي) تبعيد للرؤية؟
قيل له:
لو أراد الله -عز وجل- تبعيد الرؤية لقرن الكلام بما يستحيل وقوعه، ولم يقرنه بما يجوز وقوعه، فلما قرنه باستقرار الجبل، وذلك أمر مقدور لله سبحانه وتعالى،
(١) أخرجه مسلم (١٨١) (٢) أفاده ابن عبدالبر في التمهيد (٧/ ١٥٣) ومن التقوّل الباطل للمعتزلة على هذه الحجة زعمهم أن المراد بقوله تعالى (فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي) أي: إن استقر مكانه حال تحركه، وهذا ليس بجائز، بل محال، والمعلّق على المحال محال، وهذا بلا شك افتراء واضح المعالم، كامل الأركان، مثال صارخ لمن يعتقد ثم يستدل.