وتأملوا قوله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ...}، فهنا قد ذكر طريق الحق على سبيل الإفراد، فهو طريق واحد، وذكر سبل الشيطان على صيغة الجمع، فهي كثيرة متفرقة، وهذا كقوله تعالى:{وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ}[الأنعام: ١]، فجعلَ الظلماتِ جمعاً، والنورَ واحداً.
والسنة قد أكدت هذا المعنى: عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطّاً، فَقَالَ:«هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ»، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطاً عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ:«وَهَذِهِ سُبُلٌ، عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»، ثُمَّ تَلا:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا...} إلَى آخِرِ الآيةِ [الأنعام: ١٥٣](١).
قال النَّوَوِيّ: "قوله صلى الله عليه وسلم: «ولا تفرقوا» فهو أمر بلزوم جماعة المسلمين، وتألف
(١) أخرجه أحمد (٤٤٣٧)، وصححه الألباني في ظِلال الجنة (١٦). (٢) أخرجه أبو داود (٦٦٤). (٣) أخرجه الترمذي (٢١٣٣)،، وصححه شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم (١/ ١٤١) (٤) أخرجه مسلم (١٥١٧).