وهذا النوع من الشفاعة هو من خصائص الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فالشفاعة منفية عن الكافرين؛ كما في قوله تعالى:{فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}[المدثر: ٤٨]، وإنما خُصَّ منها أبو طالب عمُّ النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لِما كان يقدّمه مِن دفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وليس ذلك لقَرابته من الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد قال تعالى:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}[التوبة: ١١٣]، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
* وهذا يعلمنا درساً بليغاً ألا وهو فضل العمل للدين، فالله -عزوجل- قد قبل شفاعة نبيه -صلى الله عليه وسلم- في كافر لأنه قد ذبَّ عن شخص النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأمَّنه ليبلغ دعوة ربه. فإذا كان هذا أثر العمل للدين من شخص ليس من أهله، فكيف إذا كان من أهله؟!!
وكم من أناس ماتوا في حياة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم يعمد إلى قبر أحدهم للصلاة عليه كما فعل مع المرأة التى
(١) متفق عليه. (٢) أخرجه مسلم (٩٧٦). (٣) أخرجه البخاري (٣٣٥٠). الذيخ: ذَكَرُ الضَّبْعِ الكثيرُ الشَّعَرِ. أُرِيَ أباه على غير هيئته ومنظره؛ ليُسرعَ إلى التبرّؤ منه. "متلطخ": ملوَّث بالدم ونحوِه.