"مَن أنكرَ الجنة أو النار فهو كافرٌ بإجماعٍ؛ للنَّصِّ عليه، وإجماعِ الأمة على صِحّة نَقلِه متواتِراً، وكذلك مَن اعترفَ بذلك ولكنه قال: إنّ المراد بالجنة والنار معنًى غيرُ ظاهِرِه، وإنّها لَذّاتٌ روحانية ومعانٍ باطنةٌ، كقول النصارى والفلاسفة والباطنية وبعضِ المتصوِّفة". (١)
الدليل العقلي على خلق الجنة والنار:
دليل الإمكان:
يُقصد بهذا الدليل: أنّ العقل لو تُرك ونفْسه دُونَ مؤثِّرٍ خارجيٍّ لَحَكَمَ بجواز خلْق الجنة والنار، فلا يُرتَّبُ على خَلْقِهما أيُّ مُحالٍ.
وفي ذلك يقول القيروانيُّ:"واعلمْ أنّه لا إحالة في خلْق الجَنّة". (٢)
الشاهد من ذلك: أنَّ الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآنَ بإجماع أهل السنة.
* ولَمْ يَزَلْ على ذلك أهلُ السنة حتى ظهرَ المخالفون في ذلك، ومنهم:
١) الجهمية والمعتزلة:
لم يقعْ خلاف بين أهل السنة والجماعة والمعتزلة في حقيقة الجنة والنار
(١) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (٢/ ٢٩٠). (٢) وانظر النُّكَتُ المفيدة في شرح الخُطبة والعقيدة (ص/ ١٣٢). بل إنّ الرازيّ يجعل دليل الإمكان مع ورود النص ضابطاً لثُبوتِ مِثلِ هذه القضية العقدية الغيبية، فيقول: "والضابط في جميع هذه الأبواب: أنّ كل ذلك مُمْكِنٌ، وقد وردَ الخبرُ الصِّدْقُ به؛ فوجبَ تصديقُه". وانظر الإشارة في أصول الدين (ص/٣٥٢).