"هذا الحديث -عند جماعة أهل العلم بالحديث- صحيحٌ من جهة الإسناد، وكلُّهم يرويه ويُقِرُّ بصحّته، ويحتجُّ به أهل الحديث والفقه -وهم أهلُ السّنّة- في إثبات قِدَمِ علمِ الله -عز وجل ذِكرُه-".
وقد نصَّ بعضُ أهل العلم على تواتُره عن أبي هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وأنّه لا يردُّه ولا يعترض عليه إلا مبتدعٌ معانِدٌ... يقول الحافظ ابن كَثيرٍ -رحمه الله-:
"ومَن كذَّبَ بهذا الحديث فمُعاندٌ؛ لأنّه متواتِرٌ عن أبى هريرة -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وناهِيكَ به عَدالةً وحِفْظاً وإتقاناً". (١)
- قال ابن القيِّم:
"هذا حديث صحيح متّفَقٌ على صحته، لَمْ تَزَلِ الأمّة تتلقّاه بالقَبُول مِن عَهْدِ نبيِّها قَرْناً بعدَ قَرْنٍ، وتُقابِلُهُ بالتصديق والتسليم، ورواه أهلُ الحديث في كُتبهم، وشَهِدوا به على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- أنّه قالَهُ؛ فما لِأَجْهَلِ الناسِ بالسّنّةِ وهذا الشَّأْنِ؟! ولَمْ يَزَلْ أهلُ الكلامِ الباطلِ المذمومِ مُوكَّلينَ بِرَدِّ أحاديثِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي تخالف قواعدَهم الباطلةَ وعقائدَهم الفاسدةَ! ". (٢)
* وقد ذكرَ ابن منده حديثَ الاحتجاج هذا من عدة روايات وطرق، ثم قال:
"وهذه الأحاديث صِحاحٌ ثابتةٌ، لا مَدْفَعَ لها، ولِهذا الحديثِ طرقٌ عن أبي هريرةَ، منها: أبو سَلَمةَ، ومحمدُ بنُ سِيرينُ، والأَعرجُ، وسعيدُ بنُ المسيّبِ، وغيرُهم". (٣)
وختاماً:
قد جاء في الحديث: أنّ آدم قال لموسى -عليهما السلام-: «أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً؟» ...
وهنا الإشكال:
فالذي ثبتَ في الصحيح: أنّ الله - تعالى - قدَّرَ مقاديرَ الخَلائقِ قبلَ أن
(١) الاستذكار (٨/ ٢٥٨)، وقصص الأنبياء (١/ ٣٧). (٢) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (١/ ١٤). (٣) من عقائد السلف (الرد على الجهمية) لابن مَنْدَه (١/ ٢١٥).