لو كانت رؤيته تعالى في الدنيا ممكنة لَحصلتْ لِخير الخلق أجمعينَ، محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ فقد سُئل: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ:«نُورٌ، أَنَّى أَرَاهُ»، وفي رواية:«رَأَيْتُ نُورًا». (١)
فالمعنى:
أن الذي حالَ بين النبي - صلى الله عليه وسلم- ورؤيةِ وجه الله تعالى هو ذلك النور العظيم، وهو نور الحجاب، وهو نورٌ مخلوقٌ، وهو المراد في قوله صلى الله عليه وسلم:«رَأَيْتُ نُورًا»، وليس المراد هنا أن هذا النورَ هو نورُ وجه الله تعالى، ولو كان هذا الحجاب هو النور الذي هو صِفَتُهُ سبحانه لَكانَ النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - قد رأى ربه.
فهذا كله صريح في نفي الرؤية البصرية، إنما كانت رؤيته لربه ليلةَ المعراج رؤيةً قلبية، والله أعلم.
* ومما يؤيد عدمَ الرؤية البصرية ليلةَ المعراج:
١ - أنّ قوله صلى الله عليه وسلم:«لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- حَتَّى يَمُوتَ»(٢) يشمل النبيَّ- صلى الله عليه وسلم- وغيرَه.
٢ - لو كانت رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- لربه -تعالى- ليلةَ المعراج رؤيةً بصرية لَما سكتَ الشرعُ عن ذِكرها بالتنصيص؛ فهي- لا شكَّ- مَنْقَبةٌ عظيمة لا يَسكتُ الشرع عن التصريح بمثلها.
٣ - قال ابْنُ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما-:
قَالَ تعالى:{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}[النجم: ١١]، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}[النجم: ١٣]، قَالَ:"رَآهُ بِفُؤادِهِ مَرَّتَيْنِ"، وفي رواية قَالَ:"رَآهُ بِقَلْبِهِ". (٣)
(١) سبق تخريجه قريبًا. (٢) سبق تخريجه قريبًا. (٣) أخرجه مسلم (١٧٦).